بتـــــاريخ : 9/9/2011 2:25:58 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 798 0


    قصة بقرة بني إسرائيل

    الناقل : SunSet | العمر :37 | الكاتب الأصلى : islamweb | المصدر : www.islamweb.net

    كلمات مفتاحية  :
    قصة بقرة بني إسرائيل

    سميت أطول سورة في القرآن الكريم سورة البقرة؛ وذلك أن الله سبحانه ذكر في هذه السورة أحداث تلك القصة، التي بدأت بالقتل وانتهت بالإحياء، وتخلل ذلك أحداث مثيرة، ووقائع خارقة للعادة.

     

    حاصل القصة

     

    حاصل هذه القصة تبينه الآيات التالية: { وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين * قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون * قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين * قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون * قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون * وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون *فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون } (البقرة:67-73). هذه أحداث القصة كما يذكرها القرآن على وجه الإجمال.

     

    روايات القصة التفصيلية

     

    أما أحداث القصة على وجه التفصيل، فنقف عليها من خلال ذكر بعض الروايات التي ذكرتها كتب التفسير، حول مجريات هذه القصة المثيرة والمعبرة.

     

    الرواية الأولى رواها ابن أبي حاتم و الطبري عن عبيدة السلماني ، قال: كان في بني إسرائيل رجل عقيم، قال: فقتله وليه، ثم احتمله فألقاه في سبط غير سبطه. قال: فوقع بينهم فيه الشر حتى أخذوا السلاح. قال: فقال أولو النهى: أتقتتلون وفيكم رسول الله؟ قال: فأتوا نبي الله، فقال: اذبحوا بقرة! فقالوا: أتتخذنا هزواً، قال: { أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين * قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة }، إلى قوله: { فذبحوها وما كادوا يفعلون }، قال: فضُرب، فأخبرهم بقاتله. قال: ولم تؤخذ البقرة إلا بوزنها ذهباً، قال: ولو أنهم أخذوا أدنى بقرة لأجزأت عنهم. فلم يورث قاتل بعد ذلك.

     

    الرواية الثانية ذكرها الطبري عن أبي العالية ، قال: كان رجل من بني إسرائيل، وكان غنياً، ولم يكن له ولد، وكان له قريب وارثه، فقتله ليرثه، ثم ألقاه على مفترق الطريق، وأتى موسى فقال له: إن قريبي قُتل، وأتي إلي أمر عظيم، وإني لا أجد أحداً يبين لي من قتله غيرك يا نبي الله. قال: فنادى موسى في الناس: أنشد الله من كان عنده من هذا علم إلا بينه لنا. فلم يكن عندهم علمه. فأقبل القاتل على موسى، فقال: أنت نبي الله، فاسأل لنا ربك أن يبين لنا. فسأل ربه، فأوحى الله إليه: { إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة }. فعجبوا، وقالوا: { أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين * قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي، قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض }، يعني: لا هرمة، ولا بكر، يعني: ولا صغيرة، { عوان بين ذلك }، أي: نصف، بين البكر والهرمة. { قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها }، أي: صاف لونها، { تسر الناظرين }، أي: تعجب الناظرين. { قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون * قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول } أي: لم يذللها العمل، { تثير الأرض }، يعني ليست بذلول فتثير الأرض. { ولا تسقي الحرث }، أي: ولا تعمل في الحرث. { مسلمة }، يعني مسلَّمة من العيوب، { لا شية فيها }، أي: لا بياض فيها. { قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون }. قال: ولو أن القوم حين أمروا أن يذبحوا بقرة، استعرضوا بقرة من البقر فذبحوها، لكانت إياها، ولكنهم شددوا على أنفسهم، فشدد الله عليهم. ولولا أن القوم استثنوا، فقالوا: { وإنا إن شاء الله لمهتدون }، لما هدوا إليها أبداً.

     

    ثم إنهم لم يجدوا البقرة التي نُعتت لهم، إلا عند عجوز عندها يتامى، وهي القيِّمة عليهم. فلما علمت أنهم لا يصلح لهم غيرها، ضاعفت عليهم الثمن. فأتوا موسى عليه السلام فأخبروه أنهم لم يجدوا هذا النعت إلا عند فلانة، وأنها سألتهم أضعاف ثمنها. فقال لهم موسى عليه السلام: إن الله قد كان خفف عليكم، فشددتم على أنفسكم، فأعطوها رضاها وحكمها. ففعلوا، واشتروها فذبحوها. فأمرهم موسى عليه السلام أن يأخذوا عظماً منها، فيضربوا به القتيل. ففعلوا، فرجعت إليه روحه، فسمى لهم قاتله، ثم عاد ميتاً كما كان. فأخذوا قاتله -وهو الذي كان أتى موسى فشكى إليه- فقتله الله على سوء عمله.

     

    الرواية الثالثة ذكرها الطبري عن السدي ، قال: كان رجل من بني إسرائيل مكثراً من المال، وكانت له ابنة، وكان له ابن أخ محتاج. فخطب إليه ابن أخيه ابنته، فأبي أن يزوجه إياها، فغضب الفتى، وقال: والله لأقتلن عمي، ولآخذن ماله، ولأنكحن ابنته، ولآكلن ديته! فأتاه الفتى، وقد قدم تجار في قبائل بني إسرائيل، فقال: يا عم! انطلق معي فخذ لي من تجارة هؤلاء القوم، لعلي أصيب منها، فإنهم إذا رأوك معي أعطوني. فخرج العم مع الفتى ليلاً، فلما بلغ الشيخ تلك القبائل، قتله الفتى، ثم رجع إلى أهله.

     

    فلما أصبح، جاء كأنه يطلب عمه، كأنه لا يدري أين هو، فلم يجده. فانطلق نحوه، فإذا هو في تلك القبائل مجتمعين عليه، فأخذهم، وقال: قتلتم عمي، فأدوا إلي ديته. وجعل يبكي ويحثو التراب على رأسه وينادى: واعماه! فرفعهم إلى موسى عليه السلام، فقضى عليهم بالدية، فقالوا له: يا رسول الله، ادع لنا ربك حتى يبين له من صاحبه، فيؤخذ صاحب الجريمة، فوالله إن ديته علينا لهينة، ولكنا نستحي أن نعير به. فقال لهم موسى عليه السلام: اذبحوا بقرة. قالوا: نسألك عن القتيل وعمن قتله، وتقول: اذبحوا بقرة! أتهزأ بنا؟ فقال لهم موسى : { فافعلوا ما تؤمرون }، فطلبوها فلم يقدروا عليها.

     

    وكان رجل من بني إسرائيل من أبر الناس بأبيه، وإن رجلاً مر به معه لؤلؤ يبيعه، فكان أبوه نائماً تحت رأسه المفتاح، فقال له الرجل: تشتري مني هذا اللؤلؤ بسبعين ألفاً؟ فقال له الفتى: كما أنت حتى يستيقظ أبي، فآخذه بثمانين ألفاً. فقال له الآخر: أيقظ أباك، وهو لك بستين ألفاً. فجعل التاجر يحط له حتى بلغ ثلاثين ألفاً، وزاد الآخر على أن ينتظر حتى يستيقظ أبوه، حتى بلغ مائة ألف. فلما أكثر عليه، قال: لا والله، لا أشتريه منك بشيء أبداً، وأبى أن يوقظ أباه. فعوضه الله من ذلك اللؤلؤ، أن جعل له تلك البقرة. فمرت به بنو إسرائيل يطلبون البقرة، فأبصروا البقرة عنده، فسألوه أن يبيعهم إياها بقرة ببقرة، فأبى، فأعطوه ثنتين فأبى، فزادوه حتى بلغوا عشراً، فأبى، فقالوا: والله لا نتركك حتى نأخذها منك. فانطلقوا به إلى موسى ، فقالوا: يا نبي الله، إنا وجدنا البقرة عند هذا، فأبى أن يعطيناها، وقد أعطيناه ثمناً. فقال له موسى عليه السلام: أعطهم بقرتك. فقال: يا رسول الله، أنا أحق بمالي. فقال: صدقت. وقال للقوم: أرضوا صاحبكم. فأعطوه وزنها ذهباً فأبى، فأضعفوا له مثل ما أعطوه وزنها، حتى أعطوه وزنها عشر مرات، فباعهم إياها وأخذ ثمنها. فقال: اذبحوها. فذبحوها فقال: اضربوه ببعضها. فضربوه بالبضعة التي بين الكتفين، فعاش، فسألوه: من قتلك؟ فقال لهم: ابن أخي، قال: أَقْتُلُه، وآخذُ ماله، وأنكح ابنته. فأخذوا الغلام فقتلوه.

     

    وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما و قتادة و مجاهد نحو ما جاء في هذه الروايات الثلاث. غير أن بعضهم ذكر أن الذي قتل القتيل الذي اختصم في أمره إلى موسى ، كان أخا المقتول، وذكر بعضهم أنه كان ابن أخيه، وقال بعضهم: بل كانوا جماعة ورثة، استبطؤوا حياته. إلا أن جميع الرواة مجمعون على أن موسى إنما أمرهم بذبح البقرة من أجل القتيل، حين احتكموا إليه.

     

    وبعد أن ساق ابن كثير عدداً من الروايات الواردة بشأن هذه القصة، قال: "والظاهر أنها مأخوذة من كتب بني إسرائيل، وهي مما يجوز نقلها، ولكن لا نصدق ولا نكذب؛ فلهذا لا نعتمد عليها إلا ما وافق الحق عندنا". وكلام ابن كثير هذا، يفيد أن هذه الروايات مقبولة من حيث الجملة؛ لأنها تتفق والخبر القرآني، أما الخوض في تفاصيلها، فلا ينبغي الالتفات إليه، ولا التعويل عليه.

     

    ما يستفاد من القصة

     

    تضمنت هذه القصة العديد من الفوائد الإيمانية والتوجيهات التربوية، نجملها فيما يأتي:

     

    - بيان قدرة الله سبحانه التي لا تحدها قدرة، فهو سبحانه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو على كل شيء قدير، وهذا واضح في هذه القصة غاية الوضوح؛ وذلك أنه سبحانه أحيا القتيل بعد موته، وأنطقه بالحق المبين.

     

    - أن الأنبياء عليهم السلام معصومون من الخطأ والزلل، ومنزهون عن الصفات الذميمة.

     

    - أن السؤال فيما لا يفيد في قليل ولا كثير، ولا يغني من الحق شيئاً لا خير فيه، بل قد يترتب عليه من النتائج ما لا يحمد عقباه.

     

    - أن الحق مهما طال طمسه لا بد أن يظهر ويعلو في النهاية، وأن الباطل مهما طال انتفاشه لا بد أن يُدحر ويُهزم في النهاية.

     

    غرائب مما ذكرته التفاسير حول هذه القصة

     

    وقد خاض بعض أهل التفسير في هذه القصة في تحديد (البعض) الذي أُمر بنو إسرائيل بضرب الميت به، وذكروا في ذلك أقوالاً لا دليل يسعف بالقول بها، ومن ثم ذكر الطبري في هذا الصدد أن الصواب أن يقال: "أمرهم الله جل ثناؤه أن يضربوا القتيل ببعض البقرة؛ ليحيا المضروب. ولا دلالة في الآية، ولا في خبر تقوم به حجة، على أي أبعاضها التي أُمر القوم أن يضربوا القتيل به. وجائز أن يكون الذي أمروا أن يضربوه به هو الفخذ، وجائز أن يكون ذلك الذنب وغضروف الكتف، وغير ذلك من أبعاضها. ولا يضر الجهل بأي ذلك ضربوا القتيل، ولا ينفع العلم به، مع الإقرار بأن القوم قد ضربوا القتيل ببعض البقرة بعد ذبحها فأحياه الله".

     

    وأكد ابن كثير -في هذا الصدد- ما قرره الطبري ، فقال: "فلو كان في تعيينه لنا فائدة تعود علينا في أمر الدين أو الدنيا لبينه الله تعالى لنا، ولكن أبهمه، ولم يجئ من طريق صحيح عن معصوم بيانه، فنحن نبهمه كما أبهمه الله".

     

    وما قرره الطبري وأكده ابن كثير في هذا الشأن، هو الذي ينبغي المصير إليه، والتعويل عليه؛ إذ لا دليل يدل على هذا التحديد، ولا فائدة ثمة من تعيينه ومعرفته.

     

    وما يهمنا في نهاية المطاف، أن نعتقد اعتقاداً راسخاً، أن هذه القصص ليست قصصاً رمزية أو قصصاً خيالية، بل هي حوادث واقعية، قصها القرآن علينا؛ لنتعظ بها، ونستفيد منها، ولا يسعنا إلا أن نسلم بخبر القرآن، سواء أدركته عقولنا، أم لم تدركه.

    كلمات مفتاحية  :
    قصة بقرة بني إسرائيل

    تعليقات الزوار ()