رحلة بين جدة والرياض وفاعل خير تزرعان رئة لفتاة فقدت التنفس في تخصصي جدة
جدة - معيض الحسيني تصوير - محسن سالم
ثمان ساعات ومتبرع أعادا لفتاة سعودية لم يتجاوز عمرها 24 عاما حياتها الطبيعية - بفضل الله - بعد أن كانت مقعدة عن الحركة وتعيش على الأوكسجين بسبب إصابتها بتليف في الرئة اليسرى، فبعد تبني حالتها من قبل استشاري جراحة القلب وزرع الرئتين بمستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة الدكتور إسكندر القثمي قرر حاجتها إلى زراعة رئة جديدة، وهي من العمليات الجراحية التي تتم في أمريكا وكندا وبعض دول أوروبا والصين مؤخرا بالإضافة إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة، حيث ما زالت العديد من الدول تفتقد لبرنامج زراعة الرئة لحاجته إلى متخصصين في عدة مجالات يحملون خبرات عالية ومهارات فريدة لا تتوافر لدى الكثيرين.
كانت المريضة تتناول جرعات من الأدوية حتى أصبحت غير مؤثرة بسبب إصابة رئتها اليسرى بتليف شديد جعلها تتوقف عن العمل تماما، فتم عمل تقييم لها للتأكد أن بقية أعضائها سليمة ، بعد ذلك تم وضعها على قائمة الانتظار وبعد التنسيق مع مركز زراعة الأعضاء في الرياض تم إخطار الفريق الطبي بتوفر رئة جيدة من متبرع أصيب بجلطة في الدماغ أدت إلى وفاته، تم بعد ذلك توفير طائرة إخلاء طبي لفريق العمل الذي غادر جدة إلى الرياض لعمل تقييم لرئة المتوفى وبعد التأكد من صلاحيتها وتقبلها من قبل جسم المريضة تم نزعها خلال نصف ساعة والعودة إلى جدة في رحلة استغرقت نحو 4 ساعات حيث تم إدخال المريضة إلى غرفة العمليات وبدأ الفريق الطبي نزع الرئة التالفة وزرع الرئة الجديدة في عملية جراحية استغرقت نحو 4 ساعات أخرى، حيث تكللت العملية بالنجاح وبدأت المريضة تتنفس بشكل طبيعي بعد أن وضعت تحت الملاحظة لمدة 12 ساعة.
الدكتور إسكندر القثمي الذي ترأس الفريق الطبي للعملية طالب المزيد من توعية المواطنين بأهمية التبرع بالأعضاء، مشيرا إلى وجود 9 حالات لدى المستشفى بحاجة إلى زراعة رئة، بسبب الشح الكبير في التبرع بالأعضاء
خاصة الرئتين اللتين تعدان من أكثر أعضاء الجسم حساسية، مؤكدا رفضه مبدأ استيراد الأعضاء لأن ذلك سيجر المجتمع والمرضى إلى عمليات المتاجرة بالأعضاء وهذا مرفوض تماما لأنه قد يؤدي إلى استغلال الفقراء في الخارج من قبل أشخاص في مجتمعاتهم دون علم منا أو من أهل المريض.
وأضاف القثمي الذي أسس برنامج زراعة الرئة في مستشفى الملك فيصل بجدة وساهم في تأسيس مركز زراعة الرئتين في مستشفى جامعة هونج كونج أن هذا النوع من العمليات تتم فقط في مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة على مستوى الشرق الأوسط حيث تم إجراء أربع عمليات ناجحة منذ تأسيس البرنامج في المستشفى عام 2001، مشيرا إلى أن أول عملية ناجحة لزراعة الرئتين في الشرق الأوسط تمت بمستشفى الملك فيصل التخصصي ديسمبر من العام 2001.
وأشار القثمي الذي أجرى 12 عملية جراحية لزراعة الرئتين في مستشفى جامعة تورنتو بكندا أن عدد العمليات التي تمت من هذا النوع تصل إلى 18 ألف عملية منذ أوائل الستينات الميلادية وحتى عام 2008 ومعظمها تم في أمريكا وكندا وبعض الدول الأوروبية.
يذكر أن فريق العمل الذي شارك في إجراء العملية للفتاة السعودية يتكون من الرئيس الدكتور إسكندر القثمي ومساعد الجراح بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور رجب شحاته واستشاري جراحة القلب الدكتور غسان باسليم ورئيس قسم التخدير بالمستشفى الدكتور محمد الحربي واستشاري جراحة القلب الدكتور حنيف والمنسق الطبي لزراعة الأعضاء جارالله السيالي والمنسق الإداري لزراعة الأعضاء ياسر كتوعة وممرض العمليات زياد رواشدة.
فريق طبي سعودي ينجح في أول عملية زراعة قلب ورئتين لمريض واحد في الشرق الأوسط
د. الضلعان يتوسط الفريق الجراحي
حوار: عبدالله الطلحة
إنه بفضل الله تعالى على الإنسان، أن العلم وبالذات في المجال الطبي قد تطوَّر كثيراً بحيث أصبح هناك علاج لأغلب الأمراض، ومنها أمراض الرئة.
وحتى عندما يتعذَّر العلاج بالطرق الطبية والجراحية المعروفة، فإن التطور في مجال زراعة الأعضاء، أعطى كثيراً من الأمل للمرضى المصابين بأمراض رئوية يُصعب علاجها بالطرق الأخرى.
ومن أجل الحديث حول هذا الموضوع نلتقي اليوم بالدكتور عبدالله بن محسن الضلعان استشاري الأمراض الصدرية والعناية المركزة وزراعة الرئتين في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث.
ود. الضلعان حاصل على بكالوريوس الطب العام والجراحة العامة من جامعة الملك سعود - كلية الطب - والتدريب كان جزءاً منه في مستشفى الملك فيصل التخصصي مركز الأبحاث، وذلك في برنامج الزمالة العربية للأمراض الباطنة وقد ابتعث إلِى الولايات المتحدة الأمريكية حيث أكمل التدريب في برنامج الزمالة الأمريكية للأمراض الباطنية في جامعة ديوك في كارولاينا الشمالية، ثم الزمالة الأمريكية للأمراض الصدرية وزراعة الرئتين والعناية المركزة في جامعة فرجينيا.
عاد من الولايات المتحدة الأمريكية عام 2002م ومنذ ذلك الوقت وهو يعمل في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث كاستشاري أمراض صدرية وزراعة الرئتين وعناية مركزة.
د. الضلعان أكد أن زراعة الرئتين تعتبر حديثة إلى حد ما مقارنة بزراعة الأعضاء الأخرى، كالكلى، والكبد، والقلب وغيرها. وقال إن مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث يُعتبر الآن أكبر مركز في المنطقة ويكاد يكون أول مركز لإجراء عمليات زراعة الرئتين أو القلب والرئتين معاً بالرغم من صغر البرنامج نسبياً. وقد بدأ البرنامج في عام 2003م كبرنامج متكامل، ولكن كانت هناك محاولات لعمل زراعة الرئة من قبل ذلك، إحدى تلك المحاولات أُجريت في عام 1998م حيث تم زراعة رئتين لمريض من المنطقة الشرقية بنجاح وما زال المريض يتمتع بصحة جيدة ولله الحمد. وأضاف ثم عُملت عمليات في مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة، وبعد ذلك بدأنا بالبرنامج المتكامل هنا في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض. ومن أولى العمليات التي قمنا بها كانت عملية زراعة قلب ورئتين لفتاة من دولة الإمارات الشقيقة (2004م) وقد تكلَّلت والحمد لله بالنجاح فكانت أول عملية زراعة قلب ورئتين لنفس المريض في منطقة الشرق الأوسط. وعدد العمليات التي اجريناها إلى الآن تصل إلى تسع عمليات منها زراعة رئة واحدة ومنها زراعة رئتين معاً أو رئتين وقلب. وهذا الرقم على صغره هو أكبر رقم في المنطقة من ناحية زراعة الرئتين. وفي العالم العربي لا يوجد مركز لزراعة الرئتين إلا في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث. وقال: نسبة النجاح مقبولة ولله الحمد لبرنامج يُعتبر في بداياته غير أن هناك بعض المضاعفات التي تحصل في أي برنامج مشابه في العالم ونحن بصدد تجاوزها بالحصول على دعم أكبر للبرنامج في المستقبل القريب إن شاء الله.
بقي أن أقول إن القائمين على هذا البرنامج هم أطباء سعوديون مائة بالمائة ولله الحمد.
٭ د. الضلعان هل لكم إعطاء القارئ لمحة تاريخية عن تطور زراعة الرئتين؟
٭ عام 1963م: أجرى الدكتور جيمس هاردلي في المركز الطبي لجامعة المسيسبي في أمريكا أول عملية زراعة رائة واحدة. لكن المريض توفي خلال أيام.
٭ عام 1981م: أجرى الدكتور بروس ريتز في جامعة ستانفورد في كاليفورونيا في أمريكا، أول عملية ناجحة لزراعة رئتين وقلب.
٭ عم 1983م: أجرى الدكتور جويل كوبر في تودنتو في كندا، أول عملية ناجحة لزراعة رئة واحدة لمريض يعاني من تليُّف في الرئتين.
وقد عاش المريض لمدة ست سنوات وتوفي لاحقاً نتيجة فشل كلوي.
٭ عام 1986م: أجرى نفس الدكتور من كندا أول عملية ناجحة لزراعة رئتين لمريض يعاني من توسُّع الشعب الهوائية المزمن، وقد عاش المريض إلى سنة 2001م عندما توفي نتيجة نزيف في الدماغ.
٭ عام 1990م: أُجريت في جامعة ستانفورد في أمريكا أول عملية ناجحة لزراعة رئة من متبرع حي.
وهكذا تطورَّت عملية زراعة الرئتين لتصبح منذ عقد التسعينات من القرن الماضي، إجراء علاجياً متعارفا عليه في أماكن كثيرة من العالم وله نصيب معقول من النجاح ليكون الأمل الأخير لكثير من المرضى الذين يعانون من أمراض صدرية متقدمة لا يمكن علاجها إلاَّ بزراعة عضو جديد.
حقائق مهمة
٭ ما الحقائق التي لا بد من معرفتها عن زراعة الرئتين؟
- (1) أنها آخر وسيلة علاجية عندما تفشل كل الوسائل الأخرى (آخر دواء الكيّ).
(2) أنه ليست مجرد عملية وحسب، بل إن هناك أشياء لا بد من عملها قبل وبعد الجراحة.
(3) أن نسبة كبيرة من نجاح هذه العملية يعتمد على المريض نفسه. فالمريض لا بد أن يتعاون مع الفريق الطبي قبل العملية (لتحضيره لها) بشكل جيد وبعد العملية (للمحافظة على العضو الجديد) ومنها التزامه الدائم بأخذ أدوية المناعة والأدوية المساعدة الأخرى مدى الحياة.
فشل الجهاز التنفسي
٭ أما الأمراض التي ينتج عنها فشل في الجهاز التنفسي وبالتالي الحاجة إلى الزراعة؟..
- (1) الانتفاخ الرئوي (Emp Lysewa)، وأغلبه ناتج عن التدخين.
(2) التليُّف الحوصلي (Cystic Fibrosis)، وهو مرض وراثي ينتج عنه تكيس وتليف للشعب الهوائية.
(3) التليّف الرئوي (Pnlmsnary Fibrosis).
(4) ارتفاع ضغط الشريان الرئوي.
(5) توسُّع الشعب الهوائية (Bronchiactasis).
(6) الساركويد (Sarcoidosis) وهو التهاب مناعي مزمن قد ينتج عنه تليف رئوي وبالتالي فشل في جهاز التنفس إن لم يتم علاجه في مراحله الأولية.
وهذه أمثلة على بعض الأمراض التي قد ينتج عنها فشل في الجهاز التنفسي مما يستوجب إجراء زراعة الرئتين كحل علاجي أخير لهؤلاء المرضى، وتوجد بعض الأمراض الأخرى لا يتسع المجال لذكرها.
عندما يكون هناك مريض يعاني من فشل في الجهاز التنفسي نتيجة لأحد الأمراض السابق ذكرها أو غيرها، فإن على الطبيب المختص التأكد بأن جميع السُبل العلاجية المتعارف عليها لهذا المرض قد استنفذت. فإن كان كذلك فعلية تحويل هذا المريض إلى مركز طبي لديه برنامج متكامل لزراعة الرئتين.
تقويم المريض
٭ هل هناك مراحل لتقييم المريض للزراعة؟
- عند تقويم هذا المريض من قبل الفريق الطبي المتخصص في زراعة الرئتين، فإن هناك خطوات عدّة لا بد من القيام بها:
(1) التأكد من أن المريض تتوفر فيه جميع المعايير المتفق عليها عالمياً التي تستوجب إجراء عملية زراعة الرئتين. هذه المعايير قد تم الاتفاق عليها نتيجة تراكم دراسات وخبرات عالمية عُرَف من خلالها أنه إذا توفرَّت في مريض ما، فإن المرحلة التي وصل إليها المرض تستوجب العلاج بالزراعة.
(2) التأكد من الحالة الصحية العامة للمريض من حيث إذا كان يتحمل هذا الإجراء العلاجي أم لا. فهناك قائمة طويلة من الفحوصات المخبرية والإشعاعية للتأكد من عدم وجود موانع طبية للزراعة. أو وجود بعض النواقص الصحية البسيطة التي يمكن علاجها وبالتالي تحضير المريض للعملية بصحة أفضل لضمان نجاح أفضل.
موانع
٭ وهل يمكن إعطاؤنا أمثلة على الموانع المطلقة للزراعة؟
- من ذلك:
أ - استمرار المريض في التدخين، أو شرب الكحول أو استعمال المخدرات.
ب - تليف الكبد.
ج - الفشل الكلوي.
د - بعض الالتهابات الفيروسية الكبدية المعدية.
ه - وجود مرض سرطاني في مكان ما في جسم المريض.
و - الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب (HIV).
وهناك أمثلة على بعض الأمراض الطبية البسيطة التي تمكن علاجها قبل عملية الزراعة وهي:
أ - هشاشة العظام.
ب - نقص أو زيادة الوزن.
ج - بعض الالتهابات البكتيرية الحادة، مثل الالتهاب الرئوي البكتيري الحاد وغيرها.
عندما يتم التأكد من حاجة المريض الطبية للزراعة، والتأكد من ملاءمة حالته الصحية العامة لها، وخلِّوه من الموانع المطلقة للزراعة، فإنه يتم وضعه على قائمة الانتظار. ومدة الانتظار يحددها عدة عوامل. منها توفر التبرع بالأعضاء والذي بدوره يعتمد على وعي المجتمع، والمرافق الطبية والأطباء (وبالذات أطباء العناية المركزة والطوارئ) وإدراكهم لأهمية التبرع بالأعضاء من المتوفين دماغياً. كما يعتمد على توفر مراكز طبية لديها برامج لزراعة الرئتين، وحجم تلك البرامج وعدد عمليات الزراعة في السنة وغيرها من العوامل الأخرى.
الجدير بالذكر هو أن مدة الانتظار لزراعة الرئتين تتراوح ما بين 12 إلى 24 شهراً في أمريكا الشمالية وأن هناك نقصا في توفر الأعضاء المتبرع بها مقابل زيادة في عدد المرضى المسجلين على قوائم الانتظار.
في حالة جيدة
٭ كيف يتم اختيار الرئة المُتبرَّع بها؟
- يتم قبول الرئة المُتبرَّع بها إذا كانت في حالة جيدة ومطابقة للمعايير الطبية المطلوبة لقبول هذا العضو للزراعة على سبيل المثال لا الحصر أن لا يكون هناك آثار لالتهاب أو إصابة أو سوائل في الأشعة السينية. أن يكون الأكسجين عند مستوى أو أكثر من 300 ملم زئبق، وأن لا يكون هناك افرازات مخاطية كثيفة وأن يخلو المتبرع من الأمراض الفيروسية المعديَّة، وغيرها. وفوق ذلك كله أن تكون فصيلة الدم مطابقة لفصيلة دم المستفيد.
الأنواع
٭ ما أنواع عملية زراعة الرئتين؟
- (1) زراعة رائدة واحدة.
(2) زراعة رئتين.
(3) زراعة رئتين وقلب.
الذي يحدد حاجة المريض لرئة أو رئتين أو رئتين وقلب، هو نوع المرض الرئوي، وحالة القلب كذلك. فمثلاً يمكن زرع رئة واحدة لمرضى الانتفاخ الرئوي (Emplysewa) والتليف الرئوي (Lung Fibrosts)، ولكن لا يمكن زراعة رئة واحدة لمريض يعاني من مرض التوسع في الشعب الهوائية المزمن (Bronchiactasiz)، لأن الرئة المريضة سوف تتسبب بالتهابات الرئة المزروعة نتيجة وجود كميات كبيرة من الافرازات المليئة بالميكروبات في الحويصلات المتكدسة في هذه الرئة.
كما أن هناك حالات مثل مرض ارتفاع ضغط الشريان الرئوي الذي تسبب في فشل متأخر لعضلة القلب اليمنى ففي هذه الحالة ربما يحتاج المريض لزراعة رئتين وقلب، وهكذا.
الرعاية اللاحقة
٭ ماذا بعد عملية الزراعة؟
- يمكث المريض تحت عناية طبية فائقة بعد العملية مباشرة في غرفة العناية المركزة. ويُعطى في هذه المرحلة جرعات عالية من أدوية مثبطات المناعة لمنع رفض العضو. كما يُعطى مضادات حيوية للوقاية من الالتهابات الجرثومية مع بعض الأدوية المساعدة الأخرى.
تختلف المدة التي يمضيها المريض في العناية المركزة من مريض لآخر حسب سير الأمور الطبية. وتكون هذه المدة ما بين 3 - 7 أيام في أحسن الأحوال يتم بعدها نقل المريض إلى الجناح الطبي العادي ليكمل برنامج العلاج الطبي والتأهيلي.
تتم متابعة المريض بعد الخروج من المستشفى عن قرب بحيث يُراجع المريض عيادة طبية بعد أسبوعين، ثم ستة أسابيع ثم كل ثلاثة أشهر لمدة عام أو عامين ثم كل ستة أشهر بعد ذلك بحيث يُعمل في كل زيارة عدد من الفحوصات المخبرية والإشعاعية وكذلك وظائف الرئة. وربما يتم أيضاً إجراء منظار للرئة وأخذ عينات حسب تقييم الطبيب لحالة الرئة والحالة العامة للمريض.
المضاعفات
٭ لا بد أن يكون هناك مضاعفات للعملية فما هي المضاعفات المحتملة بعد العملية؟
- أبرز المضاعفات:
(1) الالتهابات الجرثومية:
وخصوصاً البكتيرية، وهذه الالتهابات أكثر ما تكون عندما يكون المريض في العناية المركزة مباشرة بعد عملية الزراعة بسبب إعطاء المريض جرعات عالية من مثبطات المناعة. وغالباً ما يكون من السهل علاج هذه الالتهابات إلا في بعض الأحوال التي تكون فيها هذه الجراثيم من الأنواع النادرة أو الفطرية الصعب علاجها.
وتستمر إمكانية حصول هذه الالتهابات فيما بعد نظراً لتثبيط المناعة ولكن بشكل أقل منها على سبيل المثال السُّل (الدرن) الرئوي، وبعض أنواع الفطريات.
(2) الرفض الحاد:
ويحصل عند بعض المرضى بين الحين والآخر. وتقل إمكانية حدوثه مع تقدم الفترة ما بعد العملية وعادة ما يتم علاجه بشكل فعَّال في أغلب الأحوال. المهم هو أن يتم تشخيص الرفض في الوقت المناسب. وعلاج الرفض الحاد مهم لأن تكراره أيضاً سبب في حصول الرفض المزمن.
(3) الرفض المزمن: يحدث هذا بعد عدة سنوات (سنتان فما فوق) عند ما يقارب من 50٪ من المرضى. ويتم علاجه بإعطاء جرعات أكثر ونوعيات أخرى من أدوية مثبطات المناعة. ويمكن التعايش معه لسنوات طويلة.
وهذا الرفض الذي يأتي على شكل التهابات في الشعيرات الهوائية الصغيرة، هو السبب الرئيسي للفشل الرئوي مع تقدم الزمن بعد الزراعة.
(4) هناك بعض المضاعفات الأخرى الناتجة عن الأعراض الجانبية للأدوية، مثل ارتفاع ضغط الدم، والسكري وأحياناً تدهور في وظائف الكلى وغيرها من بعض المضاعفات التي لا يتسع المجال لذكرها.
تحسن التقنية
٭ ما معدلات البقاء بعد إجراء عملية الزراعة؟
- نحمد الله تعالى أنه بتحسن التقنية الجراحية، والتطور في مجال الأدوية المثبطة للمناعة والتقدم في إنتاج مضادات حيوية جديدة وكذلك التطور في تقنية التشخيص كل هذا رفع من معدلات البقاء بعد الزراعة.
معدلات البقاء تختلف من مركز طبي لآخر، ولكن تتراوح ما بين 50 - 60٪ بعد خمس سنوات من الزراعة في أغلب الأحوال. ولكن لا بد من ذكر أن هناك حالات عدة يستمر فيها عمل العضو الجديد لأكثر من عشر سنوات.
منظار الرئة يمكن إجراؤه لعديد من المرضى الذين لا يمكن تشخيص حالتهم من خلال الأشعة أو الفحص السريري، وذلك لأن المنظار يمكن الطبيب من أخذ عينات سواء عينات مجهرية من الشعب الهوائية أو الرئتين أو أخذ عينة من الإفرازات لغرض عمل زراعة مخبرية لهذه الإفرازات، كما أن له استخدامات علاجية وخاصة في بعض أمراض السرطان التي تصيب الشعب الهوائية للرئتين.
المنظار الرئوي هو عبارة عن فحص بسيط من أجل اختبار الجهاز التنفسي (الحنجرة، القصبة الهوائية، الشعب الهوائية وجزء من الرئتين) باستخدام جهاز منظار خاص Bronchoscope، وتنقسم هذه الأجهزة إلى نوعين هما جهاز المنظار الرئوي الصلب Rigid bronchoscope وجهاز المنظار الرئوي المرن Flexible bronchoscope، إلا أن المنظار الرئوي الصلب أصبحت استخداماته محدودة هذه الأيام، حيث عادة ما يحتاج إلى تخدير كامل ويستخدم عادة عند الاشتباه بوجود جسم خارجي في القصبة الهوائية خصوصا عند الأطفال.
استخدام المنظار الرئوي يتطلب في البداية إعطاء المريض تخديرا موضعيا لمنطقة البلعوم والحنجرة والذي يعطى عادة بواسطة جهاز الكمام أولاً ثم يتم رش مخدر موضعي أيضاً في المنطقة الخلفية للبلعوم، وبعد تحضير المريض بالتخدير الموضعي يعطى حقنة بالوريد وهي عبارة عن إبرة مهدئة أو منومة نوعاً ما لتخفيف الشعور بالألم أو الضيق عند المريض، وبالتالي يكون المريض شبه نائم أثناء عملية المنظار التي عادة تستغرق فترة عمل ما بين 15 و20 دقيقة .
منظار الرئة يمكن أن يتم عن طريق الفم أو عن طريق الأنف حسب رؤية واختيار الطبيب، وفحص منظار الرئة يعد من الفحوص البسيطة وفي غالبية الأحيان لا يؤدي إلى مشكلات، ولكن قد يشكو المريض من ألم مؤقت في منطقة البلعوم أو قد يشعر بارتفاع مؤقت في درجة الحرارة في اليوم نفسه، ويسمح للمريض بتناول الطعام والشراب بعد مرور ساعتين من عمل المنظار لأن منطقة البلعوم تكون مخدرة نوعاً ما وبالتالي قد تتأثر عملية البلع، وفي غالبية الأحيان يمكن للمريض الرجوع إلى البيت في يوم العملية نفسه ولكن لا يسمح للمريض بقيادة السيارة إلا بعد مرور ست ساعات من عملية المنظار للتأكد من زوال آثار الإبرة المهدئة نهائياً.