اذا كان الله يُسخّر لك فعلامَ القلق ؟!
كتبته/ ناصرة السنة
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
ذهبت الى سريرى بعد منتصف الليل لكى أنام قليلا قبل طلوع فجر يوم جديد ملئ بالأعمال والأشغال ,, نمت سويعات قليلة وقمت لصلاة الفجر فرأيت على المنضدة الموضوعة فى صالة بيتنا كيسا من البلاستيك أعرف شكله جيدا لأنه الكيس الخاص بأحد المحلات السعودية الشهيرة
فتحتُ الكيس لأرى ما الذى بداخله فوجدته نوعا من الخبز الذى يُصنّع فى المملكة العربية السعودية ولا يُصنّع فى مصرنا فأدركت ان هذا الكيس أرسله لنا زوج أختى القادم لتوه من المملكة فى رحلة علاجية وأنه أرسله لنا مع أحد ابناء أخيه , فهو يعرف كم أحب هذا النوع من الخبز
قد يمر هذا الحدث دون أن يتدبر المرء ما فيه من دروس بليغة لو تدبرها لصرخ بأعلى صوته
" سبحانك ربى ما أكرمك! ,, سبحانك ربى ما أجودك! "
سرحت بفكرى قليلا وقلت فى نفسى أنام منذ سويعات قليلة واستيقظ أجد ربى سخّر لى من يأتينى بإفطارى من غير حول لى ولا قوة !!!
سخر لى من شهور من يزرع لى هذا القمح ومن يحصده ومن يطحنه ومن يصدره !!
وسخر لى من ساعات من يعجنه ويخبزه ويبيعه ومن يشتريه ومن يوصله الى بيتنا !!
كل هذا وانا غافلة عن ذلك !!
وقلت لنفسى : سبحان ربى ! أين زُرع هذا القمح ومن زرعه ؟ وأين خُبز ومن خبزه؟ ثم يكون فى النهاية رزقى أنا !!
زُرع فى دولة وصُنع فى أخرى وساقه الله رزقًا لى فى دولة ثالثة !!!
فسبحان من سخر لى من يزرع لى ويصنع لى وأنا لا أدرى !!
يقول الله تعالى
: وفي السماء رزقكم وما توعدون .
قال الشيخ الشنقيطى فى أضواء البيان
"وقال بعض أهل العلم : معنى قوله : وفي السماء رزقكم أن أرزاقكم مقدرة مكتوبة ، والله - جل وعلا - يدبر أمر الأرض من السماء ، كما قال تعالى : يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه الآية [ 32 5 ] ، وقوله تعالى : وما توعدون " ما " في محل رفع ، عطف على قوله : رزقكم ،
والمراد بما يوعدون ، قال بعض أهل العلم : الجنة ، لأن الجنة فوق السماوات ، فإطلاق كونها في السماء إطلاق عربي صحيح ، لأن العرب تطلق السماء على كل ما علاك كما قيل :
وقد يسمى سماء كل مرتفع وإنما الفضل حيث الشمس والقمر ولما حكى النابغة الجعدي شعره المشهور ، قال فيه :
بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
قال له - صلى الله عليه وسلم : " إلى أين يا أبا ليلى . قال : إلى الجنة ، قال : نعم إن شاء الله " .
وقال بعض أهل العلم : وما توعدون من الخير والشر كله مقدر في السماء ، كما بيناه في القول الثاني في المراد بالرزق في الآية ، وهذا المعنى فيما يوعدون به أنسب لهذا القول الثاني في معنى الرزق
وفى تفسير الامام القرطبى
"قوله تعالى : وفي السماء رزقكم وما توعدون قال سعيد بن جبير والضحاك : الرزق هنا ما ينزل من السماء من مطر وثلج ينبت به الزرع ويحيا به الخلق . قال سعيد بن جبير : كل عين قائمة فإنها من الثلج . وعن الحسن أنه كان إذا رأى السحاب قال لأصحابه : فيه والله رزقكم ولكنكم تحرمونه بخطاياكم . وقال أهل المعاني : وفي السماء رزقكم معناه وفي المطر رزقكم ; سمي المطر سماء لأنه من السماء ينزل . قال الشاعر :
إذا سقط السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضابا
وقال ابن كيسان : يعني وعلى رب السماء رزقكم ; نظيره : وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها . وقال سفيان الثوري : وفي السماء رزقكم أي عند الله في السماء رزقكم . وقيل : المعنى وفي السماء تقدير رزقكم ، وما فيه لكم مكتوب في أم الكتاب
وقرأ ابن محيصن ومجاهد " وفي السماء رازقكم " بالألف وكذلك في آخرها " إن الله هو الرازق " .
وما توعدون قال مجاهد : يعني من خير وشر . وقال غيره : من خير خاصة . وقيل : الشر خاصة . وقيل : الجنة ; عن سفيان بن عيينة . الضحاك : وما توعدون من الجنة والنار . وقال ابن سيرين : وما توعدون من أمر الساعة . وقاله الربيع . "انتهى بتصرف يسير
و روي عن عبد الله بن مسعود عن النبي قال، إن روح القدس نفث في روعي : أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها ، فاتقوا الله و أجملوا في الطلب ، و لا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله ، فإن الله لا يدرك ما عنده إلا بطاعته
و قيل للحسن البصري : ما سر زهدك في الدنيا؟ فقال:
علمت بأن رزقي لن يأخذه غيري فأطمأن قلبي له،
و علمت بأن عملي لا يقوم به غيري فأشتغلت به،
و علمت أن الله مطلع علي فأستحييت أن أقابله على معصية،
قال الامام الشافعى رحمه الله
توكلت في رزقي على الله خالقي
وأيقنت أن الله لا شـك رازقـي
وما يك من رزقٍ فليس يفوتنـي
ولو كان في قاع البحار العوامق
سيأتي بـه الله العظيـم بفضلـه
ولو لم يكن مني اللسان بناطـق
ففي أي شـيءٍ تذهـب حسـرةً
وقد قسم الرحمن رزق الخلائـق
فيا من شغلتكم الدنيا وألهتكم واعتقدتم ان الرزق بأيديكم ونسيتم الرزاق الكريم
ويا من أقلقكم ضيق العيش اليوم وانشغلتم بالتفكير فى رزق الغد
علام َ القلق والله بيده الرزق ؟ !!!
مع التنبيه اننى لا أعنى بكلامى هذا التواكل ولكنى عنيت التوكل على الله والثقة فى كرمه وجوده وأن الرزق بيده
أما التواكل فأمر مختلف تماما ولنا عودة ان شاء الله للحديث عن التوكل فى موضوع قادم
*يُرجى ذكر المصدر عند النقل ويشترط ذكر اسم كاتب الموضوع *
شبكة رياض السنة