السؤال
توفي زوجي في رمضان 2005 بسرطان الدم وقبل وفاته أوصى والده البالغ من العمر أكثر من 70 عاما أن يحج عنه إذا مات. فرد الأب وقال له أنا لا أستطيع ذلك صحيا .مع العلم أن زوجي رحمه الله سجل في قرعة الحج ولم يظهر اسمه في القرعة مرتين .السؤال هو أن أبا زوجي أصبح يريد أن يحج ولم يتسن له أن يتحصل على جواز سفر للحج لمدة عامين من وفاة زوجي .ولقد فكرت أن أحج أنأ ثم أحج عن زوجي عاما آخر فهل هذا جائز. وهل وصيته بحج أبيه عنه لازمة التنفيذ أي لا يجب على أي شخص من أهله مثلا أولاده أو أنا بالحج عنه إلا أباه. مع العلم أن زوجي أوصى أباه بالحج عنه في ذلك العام ولأنه حج بيت الله وعندما رفض أبوه ذلك لم يعلق وسكت . وأصبح الأب يريد أن يحتكر هذا العمل لنفسه مع العلم انه لا يزور أحفاده ولا يتفقد أحوالهم و لا يأتي إلينا إلا بقرب موعد الحج. وهل الحج عن الغير بأجرة . فأنا أفكر أن ما تبقى من مصاريف السفر إلى الحج نقوم بجعله صدقة عنه في مكة. وهل تأخير الحج عن زوجي فيه إثم علينا . وانتم تعلمون القوانين التي سنتها السعودية بالنسبة للحج مؤخرا .
- انأ امرأة عاملة وقمنا أنا وزوجي بتأسيس بيت الزوجية معا من بداية زواجنا وعند وفاته ترك لنا البيت الذي نسكن فيه وسيارة ومحلا للإيجار وبعض المال ولكن كل ما ترك باسمه رحمه الله وعند تقسيم التركة رفضوا الاعتراف بحقي لأنه ليس لدي وثائق تثبت ذلك وقالوا لي هذا واجب كل امرأة وليس لك الحق في الحديث عن حقك فأخذ المحل لمدة 5 سنوات يستغله ابنه الأصغر أي عم أبنائي وذهب هذا الجد إلى ابنه الأكبر من امرأة أخري وطلب أن لا يجزع من إعطائه الميراث لأبنائه الآخرين أي أعمام أولادي وكل واحد منهم متزوج وله أولاد وهو لم يسمح لأحفاده الصغار أكبرهم 13عاما وأصغرهم 8 سنوات . رغم أن القاضي لم يوافق على ذلك وقال لي إن استغلال المحل لمدة 5 سنوات سوف يتعدى حقهم الشرعي وكذلك بعت السيارة وأخذوا نصيبهم فيها مع نصيبهم في المبلغ المالي الذي تركه وقد قلت لهم على هذا المبلغ بإرادتي ولم أخف أي شئ خوفا من الله ورغم كل هذا لا يأتون لتفقد أحوال أحفادهم أي الجد والجدة رغم أنهم يذهبون لأي مكان إلا تفقد أحوال أولادي الذكور . فماذا تقول في هذا التصرف الذي ترك في نفوس أولادي أثرا كبيرا .
وأتمنى أن يكون الرد في أقرب فرصة .وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تناول السؤال النقاط التالية:
1. وصية زوجك بالحج عنه، وما إذا كان في الإمكان أن تحجي أنت عنه بدلا من أبيه.
2. ما إذا كان الحج عن الغير يكون بأجرة أم لا.
3. ما إذا كان تأخير الحج عن زوجك فيه إثم عليكم.
4. ما قمت به مع زوجك من تأسيس البيت، وعدم اعتراف أسرة الزوج بما لك من الحق.
5. طريقة التقسيم.
6. ما ذكرته من أن جد أولادك وجدتهم لا يزوران أحفادهما ولا يتفقدان أحوالهم، وأن هذا التصرف قد ترك في نفوس أولادك أثرا كبيرا.
وفيما يخص النقطة الأولى، فإن من مات بعد تمكنه من الحج ولم يحج وترك مالا وجب على ورثته أن يخرجوا من ماله (التركة) ما يحَج به عنه، وهذا مذهب أحمد والشافعي والحسن وطاووس.
قال صاحب الروض: وإن مات من لزماه (أي الحج والعمرة) أخرجا من تركته من رأس المال، أوصى به أو لا. انتهى.
وقال مالك وأبو حنيفة: يسقط فرض الحج بالموت، فإن وصى بها فهي من الثلث، وبهذا قال الشعبي والنخعي.
والقول الأول هو الذي نرى الأخذ به لأنه هو الأقوى دليلا وهو الأحوط.
ثم إذا كان زوجك قد أوصى أباه بالحج عنه ولم يقبل الوالد الوصية، كما ذكرت في السؤال، فلا مانع من أن تجحي عنه أنت إذا حججت أولا عن نفسك، وإن لم تحجي عنه أنت أو يحج عنه أبوه فعليكم بالمبادرة بإخراج مال لمن يحج عنه.
وفي النقطة الثانية، فإن الحج عن الغير يكون بأجرة إذا لم يوجد متطوع يحج عنه مجانا.
وحول النقطة الثالثة، فإن تأخير الحج الموصى به إذا كان سببه هو القوانين التي قلت إنها صارت عرقلة في الحج فإنه لا يكون فيه إثم عليكم.
وفيما يخص ما ذكرته من أنك قمت مع زوجك بتأسيس البيت، وأن أسرة الزوج لم يعترفوا لك بما أنفقته من المال، فجوابه أن من حقك المشاركة في البيت وغيره من متروك زوجك بنسبة ما صرفته فيه، ولكن هذا الحق لا يمكن تحقيقه إلا بدليل شرعي، بأن يكون موثقا توثيقا رسميا، أو تقوم عليه بينة ونحو ذلك. وأما الدعوى المجردة عن الدليل فلا عبرة بها ما لم يعترف بها الخصوم. ففي الحديث الشريف: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم... الحديث رواه الترمذي والبيهقي وبعضه في الصحيحين، كما قال الإمام النووي.
وحول النقطة الخامسة فإن طريقة تقسيم المال الموروث يصح أن تكون بالتراضي إذا رأى الورثة ذلك، وإلا كان القضاء الشرعي هو الذي يتولى ذلك؛ لأنه هو المختص بتحديد الحقوق ورفع الخصومات.
وحول النقطة الأخيرة، فلا شك في أن ما ذكرته عن جد أولادك وجدتهم من إهمال لأمر أحفادهما يعتبر تصرفا منافيا لما تقتضيه العواطف السليمة والأعراف الاجتماعية والأخلاق الإنسانية، وهو أيضا مناف للشريعة الإسلامية. ومع ذلك فإننا نوصيك بأن لا تجعلي ذلك سببا للقطيعة بين أولادك وأجدادهم وأعمامهم. فحببي إليهم أرحامهم، وقربيهم من أقربائهم، وعوديهم زيارتهم، فإن تربيتهم على ذلك تغرس الخير فيهم، وتنمي فيهم حب الفضيلة.
وأمر الدنيا وما فيها أهون من أن يكون سبب انفصام الأسر وتشتيتها.
والله أعلم.