من الشوق جئتِ
و في خصركِ البحر يعدو
رعائل طير ، فصولا
و عوسجة من لهبْ
تناثرتِ ورْدا على الشاطئ البربريّ
جمعتِ الصّدى ألقا بيد يكِ
سكبته خمرا على شَجَنِ الموْج ِ
لمّا اشْتكى
فكان بظلّ جفونكِ همْسا
لشوْق الحقول، و بوْح القصبْ
و قبل انبجاس العصورِ
و قبل انعتاق البذورِ
و قبل الكتبْ
صَعَدْتِ إلى الهيكل المخمليِّ
وَلَجْتِ الرُّموزَ
قرأتِ تفاصيلَ عهد النبوغِ
وعدْتِ إلى العاشق المغْربيِّ
بأنثى الشهبْ
و من دهشتي و صدى الموج ِ
في شعركِ الغجريِّ
نسجتِ دروبا "لصور و حيْفأ"
وأخرى" لبابل" تعدو قوارب حبّْْ
حفرتِ الزمان على ساعديَّ
نشرْتِ القلاع ، وألْقيْتِ بي
في مدار الشغبْ
عدوْتُ على إثْرِ عطركِ أهْذي
عبرْتُ العصور ، عبرتُ الدموعَ
عبرْتُ حدود التعبْ
ولجتُ كهوفا بعمق البحارِ
صعدتُ إلى قمم الإنتحارِ
هصرْتُ الجهاتِ
سألتُ الغضا و الرمالَ
سألْتُ الرياحَ
عن الكوكب المغتربْ
فلا من أجاب
ولا من روى ظمأ الإحتمالِ
ولا من بكى الشجر المكتئبْْ
وحين وصلتُ إلى الشاطئ المرمريِّ
و حين ذوى الأغف بين يديّ
وحين وحين
و لمّا هوى الليل في ناظريَّ
وجدْتُكِ دمعا بجفْن الغضبْ
هفوْتُ إليكِ
فكان المدى قمرا بيديكِ
و عاد الذي قدْ مضى و كان الطربْ
لنهديكِ عادتْ مياه الحقولِ
ودفْءُ المواقد بين الثلوجِ
و عاد العنبْ
غفوْتُ على ركْبتيكِ زمانا
تلاشيْتُ بين الصّدى و الأغاني
ولمّا صحوْتُ وجدْتُني طفْلا
بدرب الغجرْ