سُقيتِ الغَوادِي من طُلُولٍ وأرْبُعِ، |
وَحُيّيتِ من دارٍ لأسماءَ بَلْقَعِ |
وإنْ كُنتُ لا مَوْعُودُ أسماءَ رَاجعي |
بنُجحٍ، ولا تَسوِيفُ أسماءَ مُقنعي |
ولا نَافعٌي سَكْبُ الدّموعِ التي جَرَتْ |
َلدَيها، ولا فَرْطُ الحَنينِ المُرَجَّعِ |
فَلا وَصْلَ، إلاّ أنْ يُطِيفَ خَيالُها |
بنا تحتَ جُؤشوشٍ من اللّيلِ أسْفَعِ |
ألَمّتْ بنا، بعدَ الهدو، فَسامحَتْ |
بوَصْلٍ، متى نَطلُبْهُ في الجِدّ تَمنَعِ |
وَمَا بَرِحَتْ حتّى مَضَى اللّيلُ فانقَضَى، |
وأعجَلَهَا داعي الصّباحِ المُلَمَّعِ |
فَوَلّتْ كأنّ البَينَ يَخلِجُ شَخصَها |
أوَانَ تَوَلّتْ، من حَشايَ وأضْلُعي |
وَرُبّ لقَاءٍ لمْ يُؤمَّلْ، وفُرْقَةٍ |
لأسْمَاءَ لمْ تُحْذَرْ، وَلَمْ تُتَوَقّعِ |
أرَانيَ لا أنْفَكُّ في كلّ لَيْلَةٍ |
تُعَاوِدُ فيها المَالكيّةُ مَضْجَعي |
أُسَرُّ بقُرْبٍ منْ مُلِمٍّ مُسَلِّمٍ، |
وأُشجَى ببَينٍ منْ حَبيبٍ مُوَدِّعِ |
فكَأْيِنْ لَنَا بَعْدَ النّوَى منْ تَفَرّقٍ |
تُزَجّيهِ أحلامُ الكَرَى، وَتَجَمُّعِ |
وَمِنْ لَوْعَةٍ تَعْتَادُ في إثْرِ لَوْعَةٍ، |
وَمن أدمُعٍ تَرْفَضُّ في إثرِ أدْمُعِ |
فَهَلاّ جَزَى أهلُ الحمى فَيضَ عبرَتي، |
وَشَوْقِي إلى أهلِ الحمَى، وَتَطَلُّعِي |
سَيَحْملُ هَمّي عن قَريبٍ، وهمّتي |
قَرَا كُلِّ ذَيّالٍ جُلالٍ جَلَنْفَعِ |
يُناهِبْنَ أجْوَازَ الفَيَافي بأرْجُلٍ |
عِجَالٍ، إلى طَيّ الفَيَافي، وأذْرُعِ |
متى تَبلُغِ الفَتحَ بنَ خَاقَانَ لا تُنِخْ |
بضَنْكٍ، وَلاَ تَفزَعْ إلى غَيْرِ مَفزَع |
حَليفُ ندًى، إن سيل فَاضَتْ حياضه |
وَذُو كَرَمٍ، إلاّ يُسَلْ يَتَبَرّعِ |
تُؤمَّلُ نُعْمَاهُ، وَيُرجَى نَوَالُهُ |
لَعَانٍ ضَريكٍ، أوْ لُعَافٍ مُدَقَّعِ |
وَيَبْتَدِرُ الرّاءونَ منهُ، إذا بَدَا، |
سَنَا قَمَرٍ من سُدّةِ المِلْكِ مُطلَعِ |
إذا مَا مَشَى بَينَ الصّفُوفِ تَقَاصرَتْ |
رُؤوسُ الرّجالِ عن طُوَالٍ سَمَيْذَعِ |
يَقُومُونَ من بُعدٍ، إذا بَصُرُوا بهِ، |
لأبْلَجَ مَوْفُورِ الجَلاَلَةِ، أرْوَعِ |
وَيَدعُونَ بالأسماءِ مَثنًى وَمَوْحَدا |
إذا حَضَرُوا بابَ الرِّوَاقِ المُرَفَّعِ |
إذا سارَ كُفّ اللّحظُ عن كلّ مَنظَرٍ |
سواهُ وَغُضّ الصّوْتُ عن كلّ مَسمعِ |
فَلَسْتَ تَرَى إلاّ إفاضَةَ شاخصٍ |
إلَيهِ بعَينٍ، أو مُشِيرٍ بإصْبَعِ |
مُرَاعٍ لأوْقاتِ المَعالي مَتَى يَلُحْ |
لَهُ شَرَفٌ يُوجِفْ إلَيهِ، فيُوضِعِ |
عَفُوٌّ عَنِ الجانينَ حتّى يَرُدّهُمْ |
إلَيهِ، وَإلاّ يَعْفُ يأخُذْ، فيُسرِعِ |
عَليمٌ بتَصريفِ اللّيالي، كأنّه |
يُعاني صُرُوفَ الدّهرِ من عَهْدِ تُبّعِ |
حَلِيمٌ، فإنْ يُبلَ الجَهُولُ بحقْدِهِ |
يَبتْ جارَ رأسِ الحَيّةِ المُتَطَلّعِ |
وَلاَ يَبْتَدِي بالحَرْبِ أو يُبْتَدَى بِهَا، |
وَقُورُ الأنَاةِ أرْيَحيُّ التّسَرّعِ |
وَقَدْ آيَسَ الأعداءَ مَحْكُ مُضَاجِرٍ |
لَجُوجٍ، متى يَحْزُزْ بكَفّيهِ يَقطَعِ |
طَلُوبٍ لأقْصَى الأمرِ حتّى يَنَالَهُ، |
وَمُغْرًى بغاياتِ الحَقَائِقِ، مُولَعِ |
وَقُلْتُ لمَغْرُورٍ بهِ حَانَ وارْتَمَتْ |
بهِ مُطْمِعَاتُ الحَينِ في غَيْرِ مَطمَعِ |
ترَكتَ اقتبالَ العَفْوِ،والعَفْوُ مُعرِضٌ، |
إذ السّلْمُ باقٍ، والقُوَى لم تُقَطَّعِ |
أفالآنَ حَاوَلْتَ الرّضَا بَعدَمَا مَضَتْ |
عزِيمَةُ غَضْبَانٍ على الشّرّ مُجمِعِ؟ |
إذا بَدَرَتْ منهُ العَزِيمَةُ لم يَقفْ، |
وإنْ جَازَ عَنْهُ الأمرُ لم يَتَتَبّعِ |
هَجُومٌ عَلى الأعداءِ من كلّ وِجهَةٍ |
إذا هَجهَجُوا في وَجهِ لمْ يُرَوَّعِ |
أمينُ بني العَبّاسِ في سرّ أمرِهِمْ، |
وَعُدّتُهُمْ للخَالِعِ المُتَمَنِّعِ |
فَما هُوَ بالسّهلِ الشّكيمةِ دونَهُمْ، |
ولا فيهِمِ بالمُدْهِنِ، المُتَصَنِّعِ |
وَيُرْضِيكَ مِن وَالي الأعِنّةِ كَرُّهُ |
وإقْدامُهُ في المأزِقِ المُتَشَنَّعِ |
لَهُ الأثَرُ المَحمُودُ في كلّ مَوْقِفٍ، |
وَفَصْلُ الخطابِ الثّبتِ في كلّ مَجمعِ |
لكَ الخَيرُ: إنّي لاحقُ بكَ فاتّئِدْ |
عَليّ، وإنّي قائِلٌ لكَ، فاسمَعِ |
مَكَانيَ مِنْ نُعْمَاكَ غَيْرُ مُؤخَّرٍ، |
وَحَظّيَ مِنْ جَدْوَاكَ غَيْرُ مُضَيَّعِ |
وإنّي، وإنْ أبلَغْتَني شَرَفَ العُلا، |
وأعتَقْتَ من ذل المَطامِعِ أخدَعي |
فَما أنَا بالمَغضُوضِ عَمّا أتَيْتَهُ |
إليّ، ولا المَوْضُوعِ في غَيرِ مَوْضِعي |
وَقَدْ نافَستَني عُصْبَةٌ مِنْ مُقَصِّرٍ، |
وَمُنْتَحِلٍ ما لم يَقُلْهُ وَمُدّعِ |
إذا ما ابتَدَرْنا غايَةً جِئْتَ سَابِقاً، |
وَجاءوا على آثار حَسرَى وَظُلَّعِ |
فَلا تُلْحِقَنْ بي مَعشَراً لم يُؤمّلُوا |
لَحَاقي، ولم يَجرُوا إلى أمَدٍ مَعِي |