بتـــــاريخ : 9/14/2008 6:49:23 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1176 0


    هديل وأمومة القمح

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : طالب همّاش | المصدر : www.adab.com

    كلمات مفتاحية  :

     

    ويرتفعُ النايْ‏

    -طائرْ حزنِ الثلوجِ-‏

    على راحةِ الموتِ‏

    مثلَ وداعِ المواويلِ!‏

    ماتتْ هديلْ!!‏

    ولَمْ تمشِ بعدَ على شارعِ العمرِ..‏

    لَمْ يرجعِ الطيرُ من آخر الصيفِ‏

    كيما يعلْمها الطيرُ كيفَ تطرّزُ‏

    سرَّ أنوثتها في حنانِ المناديلِ‏

    ماتتْ هديلْ!!‏

    ولم يكبر الغيمُ بعدُ‏

    لتسقي جرارَ الطفولةِ بالحبرِ‏

    وَهْيَ تؤلّفُ للعشقِ‏

    أحلى المواويلِ..‏

    كيفَ نودّعُ جثمانها الغضَّ‏

    وهو يحدقُ مثلَ أبي الهولِ‏

    في زرقةِ النيلِ؟!‏

    كيفَ نودّعُ أهدابَهَا؟‏

    دونَ أنْ يبلغَ القمحِ‏

    عُمْرَ الحفيفِ على ركبتيها‏

    هديلُ الأحنُّ على البحرِ‏

    من غَيْمَةٍ في الأصيلِ!!،‏

    القطا قبلَ أنْ يترهَّبَ خلفَ البحيراتِ،‏

    أيقونةُ الدَعَوَاتِ‏

    التي ذَهَبَتْ للصلاةِ‏

    وأخَّرَهَا البيلسانْ!!‏

    هديلُ التي اقتربتْ كالأباريقِ‏

    من نَبْعَةِ الحزنِ‏

    فانجرح الماءُ تحتَ يديها‏

    وحطَّ على صَدَرَها‏

    بلبلُ الموتِ قبلَ الأوانْ!!.‏

    كأنَّ الطيورَ التي أطلقتها على الصبحِ‏

    مالتْ على النهرِ‏

    كيما تموتَ!!‏

    كأنَّ الرياحَ التي سَرَقَتْ شَعْرَهَا‏

    للحفيفِ‏

    استحالتْ إلى حَسْرَةٍ‏

    خلفَ شمسِ الخريفِ!!‏

    وهرْتْ دموعُ البكاءِ على المَعْمَدَانْ!!‏

    هي الآنَ خلفَ الكرومِ‏

    تعلّمُ ألعابَهَا الرقصَ‏

    أكثرَ من مرةٍ شاهدتها الينابيعَ‏

    ترفعُ سَبْعُ أغان على راحتيها‏

    وتومئُ مثلَ المغنْي لسربِ الحمامِ‏

    فيشردُ في اللحنِ رفُّ الزرازيرِ..‏

    أكثر مِنْ مَرَّةٍ شاهدتها المناديلُ‏

    قبلَ الغروبِ‏

    تُرَاسلُ حزنَ العصافيرِ!‏

    تملأُ أحزانَهَا حنطةً‏

    وتمرُّ براحتها فوقَ قلب الفقيرْ!‏

    هي الآن دفترَ رسمٍ صغيرْ..‏

    يحاولُ أن يتصوَّرَ مثلَ الحمامةِ‏

    في النهرِ،‏

    مثلَ الغزالِ الجميلِ..‏

    هديلُ الصغيرةُ‏

    شَبَّ على عمرها القمحُ‏

    قبلَ الحصادِ،‏

    بنى طائرُ النهرِ عشّاً على شُعْرَهَا‏

    في الخريفِ‏

    فمالتْ مع الريح مثلَ عذابِ المزاميرِ!!‏

    تَنْهَدُ شَجْرَةُ أرزٍ‏

    على صدرِهَا،‏

    وتُعَلّقُ صبّارةٌ من دموعٍ‏

    على راحةِ الموتِ‏

    مثلَ وداعِ المواويلِ!!‏

    ماتَتْ هديلْ!‏

    السحابُ الأخيرُ منَ العمرِ،‏

    دربُ الإوزِّ إلى النبعِ،‏

    آخرُ أغنيةٍ لحّنتها على الحَوْرِ‏

    أنثى النواعيرِ..‏

    واأسفاهُ!! هديلُ التي‏

    زوّجتْ قلبَها للغيومِ‏

    وصارتْ جراراً من الدمعِ‏

    مملوءةً بالخريرْ!‏

    فقولوا لجدتَّها‏

    أنْ تعمِّرَ أنصابَ وحشتها‏

    آخرَ الصيفِ!‏

    قولوا لخالتها‏

    أن تنصِّبَ فزّاعةَ الحورِ‏

    خلفَ السياجِ،‏

    وللقمحِ أن يتموّجَ خلفَ الحواكيرِ..‏

    قولوا لتلكَ الغيوم التي‏

    تتشاجرُ في الأفقِ‏

    أن تهدأَ الآن!‏

    غابتْ هديلَ ولكنْ إلى حين..‏

    طفلُ الصباحِ رآها‏

    فرافقها نحو قصرِ الثلوجِ..‏

    دَعَتْهَا الغزالةُ للنبعِ‏

    كي تتأمّلَ عذريَّةَ الماءِ في وجهها،‏

    وتُخَصِّلَ أهدابَهَا من حفيف الرياحينِ‏

    لا تحسبوها(...)‏

    رأتْ في الغيابِ لفيفَ بلابلَ زرقاءَ،‏

    أجراسَ بيضاءِ،‏

    سربَ عصافيرَ من ليلكٍ وغناءْ..‏

    فغابتْ وراءَ البساتينِ‏

    سوفَ تعودُ مع النهرِ يوماً‏

    فألعابها لَمْ تنمْ بعدُ ...‏

    فُلَّتُهَا ما تزال إلى الآن‏

    ترسمُ أفواهُهَا قبلاتِ الهواءْ،‏

    وسَرْوَتُهَا تُرْضعُ الغيمَ في السَّفْحِ‏

    سوفَ تعودُ معَ النهرِ.. .‏

    قامَتُهَا أرزةْ تائبهْ،‏

    شَعْرُهَا القرويُّ يموّج أشعارهُ في الحقول‏

    هديلُ شقيقةُ حزنِ الجداولِ،‏

    رَجْعُ الحفيفِ على صخرةِ الروحِ‏

    أنثى البحيراتِ‏

    لكنها غائبهْ!

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()