قَمَرُ الحصادِ على حقولِ الصيفِ
|
وامرأةٌ تُحدقّ في خريفِ القمحِ
|
تَارِكَةً لحبرِ الليلِ نهديها..
|
وللصلواتِ كُلّ عذابِها في العاشقينْ! .
|
عذراءُ مثلَ حمامةٍ في النهرِ..
|
يبكي صدرَهَا المتروكَ للرمانِ
|
عصفورانِ
|
مِنْ رَجْعِ الخريرِ، وبلبلٌ مِنْ آهةٍ أولى،
|
ويقبلُ نحوها حادي المواويلِ المشَرّدَ
|
جَارِحَاً أهدابَهَا التعبى
|
بسَيْفِ الياسمينْ.
|
فيلوحُ كالذكرى شَمَالُ جمالِهَا المجروحُ!
|
.. فَاْرِدَةً ضَفَائرَهَا على الريحانِ
|
تَصْرخُ يا حبيبيْ!
|
سبعَ مرّاتٍ قَصَصَتُ ضفيرتيْ،
|
شَبّتْ على حزنيْ السّنابلُ كُلّها ..
|
أنا طفلةُ الزيتونِ
|
تُشْعِلُ قَلْبَها لتراكَ
|
أنا حِدَادُ التائبينْ!!.
|
وأنا سنونوةُ البساتينِ التي ضفرّتها
|
يوماً،
|
ورَجْعُ ربيعِهَا العشرينْ.
|
كلُّ الحساسينِ التي حَطّتْ على صدْريْ
|
لتَحْسُوَ مِنْ قُطيراتِ العذابِ الحلوِ،
|
مَالتْ نحوَ كفِّ الروحِ
|
تاركةً لصبّار الكآبةِ بيلسَانَ النّاهدينْ.
|
وأنّا التي أَحببتُ حتَّى أنْ شَكَكْتُ بطينتيْ،
|
ورأيتُ أبعدَ مِنْ طيورِ الريحِ:
|
قمصانَ الألوهةِ وهيَ تهْبِطُ مِنْ أعالي
|
الغيمِ،
|
والعرسَانَ يمتشقونَ سَيْفَ الصُّبْحِ
|
في سَهْلِ القرى البيضاءِ،
|
والإسراءَ
|
مِنْ ليلِ الحجازِ إلى الشّآمْ.
|
يا قَيْسُ علمّنيْ حمَامُ الدَّوحِ
|
أنّكَ زاجِلُ العشّاقِ
|
في دَرْبِ الهوى الباكي،
|
وساجلُ روحهمْ بالدمعِ
|
في قُرَبِ السحابِ..
|
وفي ظلامِ اللّيل كالقَمَرِ الحرَامْ .
|
فاحملْ رسائلَ قلبيَ الظمآنِ
|
للأقمارِ!،
|
واسفحني على المزمَارِ!،
|
واذرفني كَشَاْلِ الثلجِ
|
في دَرْبِ الغزالْ!.
|
يا قيسُ حبُّكَ قاتلٌ
|
ومَدَادُ قلبِكَ من زلالْ .
|
***
|
الذئبَ يَعْوي في مغيبِ الشمسِ
|
والبيداءُ جَاْثِيَة
|
كَشَمْعَةِ راهبٍ تحتَ الهلالْ! ..
|
وجنوبُ صفصافِ البكاءِ
|
يغضُّ طَرْفَ الحُزْنِ عن لَيْلَى
|
ويرحلُ للشمالْ..
|
يا قيسُ علَّمنيْ زراعةَ قَمحِهَا
|
في سَفْحِكَ العالي!
|
لأسقي زَهْرةَ العُشَّاقِ
|
وَهْيَ تَشُبُّ مثلَ الأرملهْ..
|
وأعانِقَ القمرَ الذي تركوهُ
|
يَتْبَعَهَا كحادي العيسِ
|
ما بينَ التلالْ.
|
هِيَ دَمْعَةُ الصَّلصَالِ..
|
مَحْفُوراً عليها إسْم هذا اللّيْل ،
|
والموّالُ قَبْلَ سقوطهِ
|
من حَسْرَةِ الغيّابِ
|
والعنّابُ في صحرا تُهَامَهْ.
|
وَهِيَ الإقامةُ بينَ خَيْمةِ روحِهَا والدمع
|
تجعلُ رأسَهَا تحتَ الجناحِ
|
كطائرِ البجعِ الحزينِ
|
إذا تغمدَّهَا المغيبُ،
|
ومسّ أطراف البُحِيْرَاتِ الظليلةِ
|
بالغُلاَمَهْ..
|
وهي الحمامةُ
|
قبلَ أن تَرِثَ السَّكينةُ صمتَنا ..
|
وتنامَ ساكنةَ على الأجراسِ،
|
أوّلُ أغنيهْ
|
نامتْ على زَغْرُوْدَةِ الأعراسِ
|
من وَلَهٍ
|
فَعَللَّ قلْبَها المزمارْ.
|
ليلى سماءٌ ثاكلٌ ترعى زَهَوْرَ
|
الحزنِ في دَرْبِ الغيابِ،
|
وغيمةٌ بِكْرٌ تزوّجهَا الضبابُ
|
فأودَعَتْ دَرْبَ الحفيفِ نواحَهَا
|
وتقمصَّتها مريمُ الأشجارْ.
|
يا جذعَ نخلةِ ثُكْلِهَا المجروحَ
|
لا تَتْرُكْ دُموعَ الروحِ!
|
تَسـْـقُط في مِيَاهِ الصُّبحِ كالرّمانِ
|
واتركْ للغزالةِ حزنَها
|
في سَاحِلِ الأسرارْ..
|
مَضَتِ الغزالةُ للحليبِ
|
مَعَ الأصيلِ
|
وَلَمْ تَعُدْ
|
لتردّ للصفصافِ بحتَّهُ الخفيفةَ
|
كلمّا هبّتْ عليه الريحُ نائحةً- ،
|
وتجدلَ لليمامةِ شَعْرَهَا الموؤدَ
|
حينَ تَحِيْنُ أعراسُ الهديلْ.
|
لا بُدّ أنْ تأتي
|
لتُرْضِعَ طائرَ الأنهار قَطْرَةَ حزنِهَا،
|
وتَعِلّ كأسَ أبن الملوّحِ
|
مِنْ شرَابِ السلسبيلْ.
|
لكأنّنيْ شَاهدتُ دِجْلَةَ في ظلامِ اللّيلِ
|
يَرْفَعُ صدرَها للقمحِ،
|
والعُصْفُوْر يرفعُ صوتَهَا للبيلسانْ.
|
وكانّني شاهدتُ سرباً من
|
(زغاريدٍ)
|
يُطيّرُ في الهواءِ الطّلْقِ
|
ثَوْبَ زفافِها،
|
ولفيفَ أجراسٍ يزيّن بالحرائرِ خصَرَها
|
الصاديْ
|
كَعُودِ الخيزرانْ.
|
وسَمِعْتُ موسيقى الغروبِ
|
تَقودُ قُطْعَانَاً من النايات
|
رَاكضَةً علَى دَرْب الغيابِ! .
|
وعازفُ الزَّمْرِ المشردُّ
|
راكضٌ في الريحِ
|
يَقْطِفُ مِنْ أعالي الغيمِ سنبلةَ العناقِ،
|
وبلبلُ الأحزانِ يَعْدُو خَلْفَ آهاتِ الكمانْ! .
|
***
|
سَيَذُوبُ ثَلْجُ العُمرِ يا ليلى
|
وحزنكِ لَنْ يذوبْ!!
|
وسيسقطُ التفّاحُ فوقَ سريركِ الباكي،
|
ورمّانُ الجنوبْ!!
|
والأرضُ تُسْبِلُ راحتيها حينَ تَهْرُمُ
|
روحَكِ الثكلى،
|
ويكتئبُ الغروبُ!!.
|
***
|
يا قَيْس لا تصرخْ على ليلى
|
فقدْ شرَدَتْ وراءَ الشّمسِ
|
راخيةً سنابلَ روحِهَا التعبى
|
وصَارتْ كالنصوبْ!.
|
يا قيسُ لا تصرخ على الريحانِ
|
يفرشُ زهرةٌ
|
سجّادةً لصلاتِهَا
|
وسماؤهَا اتكأتْ على النسيانِ
|
وانفطرَتْ قلوبُ
|
الجلّنارْ.
|
الحزنُ أهدأ مِنْ صلاةِ الفجرِ
|
في بستانِ دِجْلَةَ
|
والدموعُ أحنُّ من ماءِ الترمُّلِ
|
في الجرارْ!
|