بتـــــاريخ : 9/14/2008 8:16:36 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1587 0


    كلُّ امرئ في دهشة

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : طالب همّاش | المصدر : www.adab.com

    كلمات مفتاحية  :

     

    مفتونة بغيابها الشفّافِ‏

    تنأى ثم تدنو في الجنوبْ.‏

    أبداً تكرّرُ حزنها شمسُ الغروبْ.‏

    أبداً تعيدُ دموعها شمسٌ‏

    لحزنِ البرتقالِ الساحليِّ‏

    كأنها مرآةُ عذرتها‏

    إلى ما يجعلُ الأرواحَ‏

    أنقى من دموعِ الغائبينْ!‏

    كلُّ امرئٍ في دهشةٍ إلا جلالَ الدينِ!‏

    سامعُ نأمةِ العصفورِ قبلَ الفجرِ‏

    ينصتُ للعنبْ‏

    فيحسُّ طعمَ الخمرِ قبلَ أوانها‏

    في الصيفِ تنعشُ روحَهُ،‏

    وتشيعُ في دمهِ السَكِينْ‏

    كُنْ دمعةً‍!‏

    فتصير روحُكَ ساقيهْ،‏

    وابذرْ حياتَكَ بالأرزِّ!‏

    ليسعدَ الفقراءُ يوماً قربَ قبركَ‏

    بعدما تمضي السنينْ.‏

    وارحلْ إلى شيرازَ قبلَ الفجرِ‏

    شفّافاً حزينْ!‏

    عطِّرْ ثيابَكَ بالبخورِ!‏

    ورُشَّ زيتَ الأرزِ فوقَ محارمِ الغيابِ!‏

    كُلُكَ نرجسٌ، طلٌّ‏

    وكُلُكَ ياسمينْ‏

    لا تدنُ من أسماعها إلا بأغنيةٍ مرنّمةٍ!‏

    وغازلْ روحَها بالحزنِ!‏

    قُلْ: فعليكِ يا شيرازُ من قلبيْ‏

    التحيةَ والسلامْ.‏

    وانحرْ ذبيحةَ حزنِكَ البيضاءَ‏

    عندَ النهرِ!‏

    يطلع من مهادِ الشرقِ‏

    وجهُ الصبحِ قديساً‏

    كأزهارِ الحمامْ.‏

    * * *‏

    مترحلاً في الريحِ‏

    أقفلُ نحو صورتها البعيدةِ‏

    سائلاً عن قبرها الأيامَ:‏

    هل شيرازُ نائمة وراءَ الليلِ من زمنٍ بعيدْ؟‏

    بالله يا قمرَ الديار الغضَّ‏

    هلْ شيرازُ أغنيةٌ‏

    نذوقُ عبيرَها إمّا نريدْ؟‏

    أم أنها اللحنُ الذي نقفوهُ‏

    حين تغيبُ شمسُ العمرِ‏

    ذابلةَ الضفائرِ‏

    كي نلامسَ رجعَهُ الباكي،‏

    ونهرمَ من جديدْ؟‏

    لكأنها قمرٌ نضيِّعُ حزنَهُ ليلاً‏

    فلا نلقاهُ إلا فوقَ مئذنةٍ حزينْ.‏

    كلُّ امرئٍ في دهشةٍ إلا جلالَ الدين!‏

    يقرأُ في كتابِ العاشقينْ:‏

    خُذْ قلبكَ الأسيانَ للنسيانِ!‏

    واقعدْ نادماً سكرانَ!‏

    تأتيكَ الحمامةُ من تصابيها البعيدِ،‏

    ويقبلُ العشاقُ من خلواتهم‏

    فقراءَ، منسيينَ‏

    في كتبِ الطحينْ.‏

    نَمْ هانئاً في خلوةِ البستانِ!‏

    يسقط فوقكَ التفاحُ حلواً ناضجاً،‏

    ويمسُّ عصفورُ الغروبِ‏

    شغافَ روحِكَ بالحنينْ!‏

    -يا سيدي!‏

    لا شيءَ يوقدُ شمعةً في الروحِ‏

    غيرُ الفقدِ والخسرانِ،‏

    لا بيتٌ يظلّلُ ساكنيهِ‏

    سوى دخانِ التيهِ‏

    أو كوخ الدخانْ.‏

    لا شيءَ غيرُ خرائبٍ منهوبةٍ،‏

    وخريفُ أشجارٍ‏

    وصُفْرَةُ سنديانْ.‏

    لم يبقَ من شيرازَ إلا قلبها‏

    المشنوقَ فوق اليتمِ كالقمرِ الجريحِِ،‏

    وخمرة مفقودة في ذروة الهذيانْ.‏

    كيف الوصولُ ولا زمان ولا مكانْ؟‏

    -يا سيدي العالي!‏

    أيكفي أن نحسَّ بطعم هذا الخمر‏

    حتى ينضجَ العنبُ؟‏

    أو أن نحدّقَ في غياب الشمسِ‏

    حتى نلتقي شيرازَ‏

    طالعةً كمئذنةٍ من الياقوتِ‏

    من قلبِ الغيابْ؟‏

    فنشدُّ نحو جمالها أبصارنا العمياءْ.‏

    بيضاءُ أو زرقاءُ؟‏

    لا تبدو سوى تلكَ الأغاريدِ‏

    التي كنا أضعنا في طفولةِ عمرنا‏

    تنبثُّ كالأشجارِ من قلبِ الدخانْ.‏

    فنرى زماناً بائداً،‏

    ومدينةً (منحوتة من توقنا للموتِ)‏

    نلمسها فلا نجد القبابَ‏

    ولا المآذنَ‏

    لا نجدْ إلا رميمَ قلوبنا المنسيّ‏

    ينبضُ في شرايينِ السرابْ.‏

    ونرى السنينَ كأنما شاختْ!،‏

    وقد شابتْ ذوائبها‏

    فنوقنُ أننا تُهْنَا،‏

    وفاتَ رحيلنا التالي قطارُ العمرِ‏

    وارتحلَ الشبابْ.‏

    لكأنما شيرازُ صورتنا على المرآةِ‏

    نخطئها صغاراً‏

    ثم نبصرها مجازاً في كهولتنا‏

    فنجلسُ عندَ مجرى النهرِ‏

    منتظرينَ أن يأتي الغرابْ

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()