بتـــــاريخ : 9/14/2008 8:18:30 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1263 0


    حزين من الحب

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : طالب همّاش | المصدر : www.adab.com

    كلمات مفتاحية  :

     

    (1)‏

    هلالٌ وحيدٌ على قبّةِ الليلِ‏

    وامرأةٌ من بياضِ المناديلِ‏

    واقفة تتأمّلُ أيامَهَا عند شطِّ الغروبِ،‏

    وتُصغي لتنويحةِ النايِ بين السحبْ.‏

    هلالٌ من الدمعِ‏

    خَصَّلَهُ العشقُ من هدبِ عاشقةٍ‏

    ورفعناهُ إلى كتفِ الغيمِ‏

    من شوقنا للمواويلِ‏

    يا قرويَّةُ نادي على الغيمِ أن يحتجبْ!‏

    لنبصرَ ذاكَ الغيابَ الذي تتلألأُ أشجانهُ‏

    في البعيدِ‏

    ونتبعُ دربَ المحبينَ‏

    يا قرويةُ نادي على الغيمِ!‏

    والقرويةُ بنتُ النداءِ المبكّرِ للقمحِ،‏

    بنتُ الرياحينِ في شجرِ الحبِّ‏

    بنتُ الحمامِ الذي طارَ خلفَ الزغاريدِ‏

    كي يتزوّجَ واحدةً‏

    فاستحالَ إلى دمعةٍ وانسكبْ!‏

    وطعمُ المواويلِ في الليلِ‏

    بنتُ النجومِ الأحبُّ إلى اللهِ‏

    نايٌ تأوَّهَ من لذَةِ الحبِّ‏

    حتى إذا بُحَّ رجعُ الصدى‏

    ثقبتهُ إناثُ القصبْ‏

    دموعٌ من الفلِّ مجروحةٌ بالربابِ،‏

    إوزّةُ حزنٍ على بيدرِ الصبحِ‏

    فضَّ أنوثتها الصقرُ يوماً‏

    ولوّثَ من دمها المستباحِ كرومَ العنبْ.‏

    هي الحورُ يسقطُ فوق أعالي البكاءِ،‏

    حداءُ غيومٍ ركضنَ على وترِ الذكرياتِ‏

    المجرّدِ حتى تعبنَ..‏

    سقوطُ الكمنجةِ في حزنها،‏

    شوكةٌ من غضبْ.‏

    تمرَّ كمرِّ السحابةِ في صيفنا الساحليّ،‏

    وتجعلُ من روحنا ورقاً للهديلْ..‏

    وترحلُ نحو قراها البعيدة‏

    يا أيها النهرُ خذني إليها،‏

    لأجرحَ أهدابَ قلبي على النايِ‏

    واجرِ إلي حزنها سلسبيلْ!‏

    خذيني إلى فسحةِ العمرِ‏

    كي أتأملَ لونَ العصافيرِ في زرقةِ الفجرِ‏

    لا تتركيني وحيداً على النهرِ!‏

    لا تتركي قمرَ التوتِ قربي جريحاً‏

    لأعرفَ أنَّ السحابَ رحيلْ!‏

    وعودي إلى القمحِ يا قرويةُ!‏

    أنتِ الدموع التي ذرفتها الغيومُ‏

    على زهرِ حزنيَ،‏

    أولُ رمانةٍ أسقطتها الرياحُ‏

    على قلبيَ الغضِّ‏

    أولُ أغنيةٍ أنزلتها النجومُ إلى بئرِ روحي‏

    ورجَّعَهَا الماءُ عند حدود القرى‏

    في الأصيلْ.‏

    أحبك لكنهُ القمحُ:‏

    شلحُ حفيفٍ من الحزنِ‏

    يحفنُ أرواحنا بالدموعِ،‏

    ويجعلُ من حنطةٍ دمنا‏

    ثم يتركنا في ضفافِ الهوى كالنصوبْ.‏

    * * *‏

    ستبكي الحماماتُ تبكي‏

    وتولدُ مثل النجومِ من الليلِ‏

    يا قرويةُ رُدِّي جدائلَ شعركِ للريحِ كيما أتوبْ!‏

    فقلبي حزينُ الأغاريدِِِ..‏

    والقرويةُ أصغرُ من بُحَّةِ النايِ‏

    في قصباتِ الهديلِ،‏

    وأقربُ للحبِّ من غيمةٍ في الغروبْ.‏

    * * *‏

    حزينٌ من الحبِّ يا شجرةَ الأرزِ‏

    حطَّ على كتفي بلبلُ الدوحِ يبكي‏

    وردّدَ أغنيتي العندليبْ!‏

    حزينٌ من الحبِّ...‏

    والقرويةُ تذهبُ كل مساءٍ‏

    إلى حقلةِ الأقحوانِ‏

    لتجمعَ زهرَأنوثتها الليلكيَّ،‏

    وتملأَ جرتها من دموعِ المغيبْ.‏

    * * * ‏

    تمرُّ كهدي الحفيفِ على‏

    وترِ القمحِ‏

    أنثى مخصَّلَةٌ من بكاءِ العصافيرِ‏

    من شتوةِ الغيم فوق حقولِ الأرزِ‏

    تسرّحُ في خلوةِ الروحِ مهرَ الغيابِ‏

    وتتركُ أيلولها هائماً‏

    في شمالِ النحيبْ.‏

    (2)‏

    هلالٌ جريحٌ على شجر الليلِ‏

    والغيمُ يهجرُ شطآنَهُ في البعيدِ‏

    وتبدو المراعي مهجّرةًً‏

    مثلَ حزنٍ رعى روحَهُ‏

    واستدارَ لتحلبَ قطراتِهِ السودَ‏

    أنثى الندمْ.‏

    هلالٌ ينوحُ كقوسِ الربابِ‏

    على وترِ العمرِ‏

    يحفرُ في الروحِ مجرى الوريدِ عميقاً‏

    إلى أن يحدّقَ في الموتِ مثلَ الضريرِ،‏

    ويجنحُ نحو أعالي النغمْ.‏

    وعينانِ لا غيرَ شاخصتان‏

    على ضوئِهِ الغضِّ‏

    تبتهلانِ كقلبِ الينابيعِ،‏

    صحراءُ راكعةٌ تحتَ مئذنةِ الليلِ،‏

    نهرٌ فراتٌ رثتهُ النواعيرُ‏

    حتى انهدمْ.‏

    ولم يبقَ للبدويةِ غيرُ ضريحٍ‏

    على صخرةِ الأمسِ‏

    ترعاهُ أنثى الإوزِّ الحزينهْ،‏

    وتحنو عليهِ النجومُ‏

    بحلماتها البيضِ‏

    لم يبقَ للبدويةِ غيرُ السرابِ،‏

    وبيداءُ طاعنةٌ في الحداءِ،‏

    ونجمٌ أصمّْ.‏

    فأينَ الغزال الذي أرسلتهُ الأغاني‏

    ليمسحَ هدبَ المواويلِ؟‏

    أينَ الحمام الذي‏

    أرسلتهُ وراءَ إناث الهديلِ؟‏

    كأنَّ حياةَ الصبا موعدٌ‏

    ضربتهُ الغزالةُ للنبعِ يوماً‏

    وقبلَ فوات الأوانِ انصرمْ.‏

    فيا بدويةُ كم ليلة‏

    سأحدّقُ في قمرِ الحبّ‏

    حتى أصير حزيناً؟‏

    وكم وردة ستميلُ على الروحِ‏

    كيما أحبكِ‏

    كم دمعة ستسيلُ ليبرأ حزني الألمْ؟‏

    * * *‏

    هلالٌ جريح على شجرِ الليل‏

    والبدويةُ نايٌ بَرَتْهُ أغاني الحداةِ‏

    فراحتْ تنوحُ على مغربِ القلب‏

    مثل حدادِ المحبينَ‏

    كانَ الكمانُ يقطّعُ أجملَ أنغامهِ‏

    خلفها،‏

    ولفيفُ الحساسين يتبعها دامعَ الروحِ‏

    نحو جراحِ المرايا‏

    فأينَ الصبيَّةُ ذات الخلاخيلِ؟‏

    كانتْ على صخرةِ الصبحِ‏

    أصغرَ شلحةِ فلٍّ رآها السحابُ،‏

    ولوّحها طائرُ العشقِ‏

    فوقَ أعالي القممْ.‏

    فكيفَ تشيخُ دموعُ المواويل‏

    في درجِ الليل؟‏

    كيفَ تمرُّ سنونٌ من العشق كاملةً‏

    دون أن تجرحَ النسماتُ خدودَ الهديلِ؟‏

    وكيفَ رثى روحنا في خريفِ الحياة‏

    الهرمْ؟.‏

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()