التشكيلــي
جلست أتأمل اللوحة وقد أوشكت على إنهائها، دققت النظر…دنوت من اللوحة أكثر…نصلت ألوانها وساحت الأصباغ مثل دم خاثر.. بعد لحظة صار القماش إلى لونه الأصلي…أحسست به يعاتبني إذ لم أقم بشيء.. ويطلب مني التدخل الفوري..وأنى لأصابعي أن تفعل شيئا؟ من أين لها بالقوة؟
انتظر (انتظرت) قليلا ثم انسحب عن الإطار…انقسمت..هل أعيده كما كان؟ أم أعيد الألوان؟
تجمد الدم في عروقي قليلا..ثم اهتديت..
جلست ألملم بقايا الألوان وأعصر الإسفنج في إنــاء…
لم أشعر به إلا حين هوى علي الإطـــار….
فصرت لوحة في إطـــار.
النحــات
بينما كنت في مصنعي أحمله بيدي عاريتين، تحلل الطين من بين أصابعي، كالمغشي عليه، حاولت أن أوقظه (أن أجمعه)، وكان كلما صببت الماء على وجهه، تعرى من كل احتمال…
استحال فقاقيع…لا..إلى أعين..صاحت (كلها) في وجهي بصوت موحــد:
لا…لن أصير إنسانا…وكلما دنوت منه انسحب..انسحب..من تحت الباب..في الخارج صادف عاصفة فاختلط بالسيل العرم… وحقق مــراده…
المغنـــي
دعيت إلى حفلة ساهرة في الهواء الطلق..وكانت عادتي أن أغني في الأماكن المغلقة (الحمام مثلا)..
كان الجمهور متحمسا تواقا إلى صوتي…فلم أشأ أن أخذل هذا الجمهور المغرر به (بالتكنولوجيا)…
لما ارتفع النداء، رفعت صوتي (متحمسا) بموال فوق طاقتي (لأرضي الجمهور)…فانخفض على إثره ضغطي…فسقط الميكرفون من يدي المرتعدة.. انشرخ الركح الذي كان أصلا مركبا من خشب مصفوف على براميل فارغة…فحيل بيني وبين الجوق…
فصار العزف في واد..وهمسي في طلب ماء الغوث في واد…
ماء..ماء..ما…ماع…ماع…
رشيد ايت عبد الرحمان