اشتريت كتابين، زرته في مكتبه، كعادته كان قد غير أثاث غرفته، بموديلٍ أحدث، أخذ كتاباً من يدي، السياسة المدنية للفارابي، فعلَّق:
- قرأتهُ حين كنتُ في الصف التاسع. رأى علامات العجب على وجهي، فأطفأها:
- لم أفهم منه شيئا.
ثم تناول الآخر(علم النفس التحليلي)لـ كارل غوستاف يونغ، وقال مبتسماً مفتخراً:
- هل قرأته؟
- كلا اليوم اشتريته بثمان دولارات لصديق لي أوصاني به.
- يا له من كتابٍ رائع لولاه لما فهمت النظرية البنيوية.
- لكن الكتاب لا علاقة له بالبنيوية!!!
- كيف لا علاقة له وقد أطلق النقاد على مؤلف الكتاب بأبي البنيوية؟
- لقد عاش بين سنتي... يتصفح الكتاب بسرعة....1875-1961.
- أليس تلميذاً لسوسير؟
- أنا اقصد أنَّهُ لا علاقة له بالبنيوية لا من قريب ولا من بعيد؟
- فلماذا إذاً يسمُّونَهُ بأبي البنيوية؟
- من هذا الذي سمَّاه؟
- الدكتور جابر عصفور.
- أ متأكدٌ أنت من كلامك.
- كلا، وهل أنت متأكد من أنَّه لم يقل ذلك.
- إذا كان عصفور قد قال هذا فأنا مخطئ.
- أ رأيتَ أنَّك لا تعرف كلَّ شيء فنحن أيضاً نطالع الكتب.
- هل قرأتَ قصتي الجديدة؟
- كلا لمْ اقرأها، لكن سأقرأها، رأيتها في عددكم الجديد.
- كلا لا اقصد المنشورة في جريدتنا، ألم تقتن العدد الأخير من مجلة نصوص عالمية؟
- وكيف تقول قصتي وهي لا تنشر سوى نصوصاً مترجمة.
- كتبتها باللغة الإنكليزية، ثمَّ ترجمها المترجم الجديد في الجريدة بعدَ أنْ أُعجب بها.
- قال الفأر: العالم أنْ كان واسعاً بدأ كل يوم يضيق أكثر، أسير بين الجدران، على يميني ويساري، اقتربت الجدران، وجدتُ نفسي في غرفة ضيقة، وأمامي تتربص بي المصيدة التي وضعوها لي، - عليك أن تغير الاتجاه- قالت القطة وهي تلتهم الفأر.
- ولمن هذه القصة؟
- سخيف، لي بالطبع؟
- لكنني متأكدٌ أنَّ هذه القصة لفرانز كافكا.
- إذن فقد سرقها الكلب!!!
- كيف يسرقها وقد عاش بين عامي 1883-1924.
- ما لك وللتواريخ هذا اليوم؟
- أعني أنَّه من المستحيل أن يكون قد سرق قصتك، وهو قد سبقك بثمانية عقود.
- ومن قال لك أني أقصد فرانز كافكا.
- ومن تقصد إذن.
- الكلب المترجم قبل أسبوع أهديته المجلد الرابع لكافكا بعد أن أشتريت المجموعة الكاملة له جلبوها لي من الشام بـ 30 دولار، غداً سأفصله هذا الكلب سارق النصوص المترجمة