شروط إسقاط الزكاة بالدين:
القائلون بأن الدين يسقط الزكاة في قدره من المال الزكوي، اشترط أكثرهم أن لا يجد المزكي مالاً يقضي منه الدين سوى ما وجبت فيه. فلو كان له مال آخر فائض عن حاجاته الأساسية، فإنه يجعله في مقابلة الدين، لكي يسلم المال الزكوي فيخرج زكاته.
مذهب المالكية والحنابلة: إنه يعمل بذلك سواء كان ما يقضي منه من جنس الدين أو غير جنسه. فلو كان عليه دين مائتا درهم وعنده عروض قنية تساوي مائتي درهم فأكثر وعنده مائتا درهم، جعل العروض في مقابلة الدين لأنه أحظ للفقراء.
وكذا إن كان عليه دين وله مالان زكويان، لو جعل أحدهما في مقابل الدين لم يكن عليه زكاة، ولو جعل الآخر في مقابلة الدين كان عليه زكاة، فإنه يجعل في مقابلة الدين ما هو أحظ للفقراء، كمن عليه دين مائة درهم وله مائتا درهم وتسع من الإبل، فإذا جعلنا في مقابلة الدين الأربعة من الإبل الزائدة عن النصاب لكون الأربعة تساوي المائة من الدراهم أو أكثر منها وجب ذلك رعاية لحظ الفقراء، لأننا لو جعلنا مما معه من الدراهم مائة في مقابلة الدين سقطت زكاة الدراهم.
وقال المالكية أيضاً مما يمكن أن يجعل في مقابلة الدين فيمنع سقوط الزكاة: الدين الحال المرجو، والأموال الزكوية الأخرى ولو جرت تزكيتها، وأن العرض يقوم وقت الوجوب، وأخرجوا من ذلك نحو البعير الشارد، والمال الضائع، والدين المؤجل أو غير المرجو لعدم صلاحية جعله في مقابلة الدين الذي عليه.
ومذهب الحنفية أن من كان عنده مال زكوي ومال غير زكوي فائض عن حاجته الأساسية وعليه دين فله أن يجعل في مقابلة الدين المال الزكوي، ولو من غير جنسه، فإن بقي منه نصاب فأكثر زكاه وإلا فلا زكاة عليه، قالوا: لأن غير مال الزكاة يستحق للحوائج، ومال الزكاة فاضل عنها، فكان الصرف إليه أيسر، وأنظر بأرباب الأموال.
قالوا: ولو كان له مالان زكويان من جنسين أو أكثر جاز له أن يجعل أياً منهما أو بعضه في مقابلة الدين والخيار له. فلو كان عنده دراهم ودنانير وعروض تجارة وسوائم يصرف الدين لأيسرها قضاء، ولو كان عنده نصاب بقر ونصاب إبل وعليه شاة ديناً، جاز جعلها في مقابلة شيء من البقر لئلا يجب عليه التبيع، لأن التبيع فوق الشاة.