بتـــــاريخ : 10/23/2008 2:18:29 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1661 0


    ختان الإناث

    الناقل : heba | العمر :43 | المصدر : www.dar-alifta.org.eg

    كلمات مفتاحية  :

    علينا أن نعلم أولاً أن قضية « ختان الإناث » ليست قضية دينية تعبدية في أصلها ، وإنما هي قضية طبية عادية - أي من قبيل موروث العادات ، والاعتماد على أقوال الأطباء ونصائحهم - وانتشرت هذه العادة بين دول حوض النيل قديماً ، فكان المصريون القدماء يختنون الإناث وغيرهم من الشعوب حوض النيل ، وقد انتقلت هذه العادة إلى بعض العرب ، كما كان في المدينة المنورة ، أما في مكة فلم تكن هذه العادة منتشرة ؛ ولذلك عندما ذهب النبي ( صلي الله عليه وسلم ) إلى المدينة ووجد أن العادة هناك مستقرة عندهم نصح من تختن الإناث بألا تنهك في الختان كما في حديث أم عطية : أن امرأة كانت تختن بالمدينة ، فقال لها النبي ( صلي الله عليه وسلم ) : « لا تنهكي ؛ فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل » (1) .
    والختان كما يصفه الأطباء في عصرنا الحديث على أربعة مراحل ؛ الأول منها : هو نوع من أنواع عمليات التجميل التي ينصح بها الأطباء عند الحاجة إليها ، وهذا هو الختان في مفهوم المسلمين ، أما المراحل الأخرى وإن اشتهر أن اسمها ختان عند الأطباء إلا أنها في حقيقتها تعدُّ عدوانًا في مفهوم الشرع الشريف ؛ لما فيه من التجني على عضو هو من أكثر الأعضاء حساسية ، حتى إن هذا العدوان يستوجب العقوبة والدية الكاملة ( كدية النفس ) إذا أدى إلى إفساده ، كما مقرر في أحكام الشريعة الغراء .
    وعلى الرغم من ذلك ، فلم يرد عن النبي  ( صلي الله عليه وسلم ) أنه ختن بناته ، وترك النبي ختان بناته  ( صلي الله عليه وسلم ) مع انتشاره في المدينة ، وهو أسوتنا يبين المسلك القويم في تلك القضية ؛ كما إنه لم يرد نص شرعي صحيح صريح يأمر المسلمين بأن يختنوا بناتهم حتى بمفهوم المرحلة الأولى التي ينصح بها الأطباء في بعض الحالات ، فكان استمرار تلك العادة من باب المباح عند عدم ظهور الأضرار ، أما مع ظهور تلك الأضرار البالغة التي قد تصل إلى الموت بما قرره أهل الطب في المراحل الثلاثة الأخرى فيكون منعه حينئذ واجبًا ، وحدوث تلك الأضرار قد تكون لاختلاف الزمان والغذاء والهواء ، أو لغير ذلك من الأسباب ، وقد تعامل المسلمون مع هذا الواقع الجديد بمنتهى الفهم الحضاري في نظامهم القانوني والأخلاقي .
    وبإلقاء نظرة إلى ذلك التطور القانوني والتشريعي في مصر مثلاً عن هذه القضية نجد أن أوَّل نص صدر في مصر حول ختان الإناث هو القرار الوزاري رقم 74 لعام 1959. ويتضمَّن هذا القرار في مادته الأولى كشفًا بأسماء لجنة مكوَّنة من 15 عضوًا من رجال الدين المسلمين والطب من بينهم وكيل وزارة الصحة مصطفى عبد الخالق ، ومفتي الديار المصرية حسن مأمون ، ومفتي الديار المصريَّة سابقًا حسنين محمَّد مخلوف . وقد جاء في المادَّة الثانية أن تلك اللجنة قد قرَّرت ما يلي :
    - أن يحرَّم بتاتًا على غير الأطبَّاء القيام بعمليَّة الختان وأن يكون الختان جزئيًّا لا كليًّا لمن أراد .
    - منع عمليَّة الختان بوحدات وزارة الصحَّة لأسباب صحيَّة واجتماعيَّة ونفسيَّة .
    - غير مصرَّح للدايات المرخَّصات بالقيام بأي عمل جراحي ، ومنها ختان الإناث .
    - الختان بالطريقة المتَّبعة الآن له ضرر صحِّي ونفسي على الإناث سواء قَبل الزواج أو بعده .
    وعندما كثرت حالات الختان وتسببت في تلك الأضرار البالغة بصحة الإناث ؛ أصدر وزير الصحة المصري قرارًا وزاريًّا بتاريخ 8 / 7 / 1996 القرار رقم 261 لسنة 1996 الذي يقول : « يحظر إجراء عمليَّات الختان للإناث ، سواء بالمستشفيات ، أو العيادات العامَّة ، أو الخاصَّة ، ولا يسمح بإجرائها إلاَّ في الحالات المرضيَّة فقط والتي يقرُّها رئيس قسم أمراض النساء والولادة بالمستشفى وبناء على اقتراح الطبيب المعالج » .
    ولقد ظن بعض المسلمين ممن لم تتسع آفاقهم أن هذا القرار يعد مخالفة للشريعة الإسلامية ، وبالتالي فيعتبر مخالفًا للدستور المصري ، فقاموا برفع دعوى قضائية لدى المحكمة القضاء الإداري ، وذكرت المحكمة في حيثيات حكمها ما نصه : « وخلصت محكمة القضاء الإداري إلى أن المستفاد من استعراض الآراء الفقهيَّة المتقدِّمة : أن الشريعة الإسلاميَّة لم تتضمّن حُكمًا فاصلاً أو نصًّا قطعيًّا يوجب ختان الإناث أو يحظره ، ومن ثم فإن الأحكام التي وردت في هذا الشأن كلُّها ظنَّية ، وحيث إن الطب لم يُجمع أيضًا على رأي واحد . وإنما ذهب البعض إلى أن ختان الإناث يحقق مصلحة طبيَّة بينما ذهب البعض الآخر إلى أنه يلحق بهن أشد الأضرار النفسيَّة والطبيَّة ، وحيث إن لولي الأمر أن ينظِّم الأمور التي لم يرد فيها نص شرعي قطعي في كتاب الله أو سُنَّة رسوله ولم يرد فيها إجماع ، وكذلك المسائل الخلافيَّة التي لم يستقر فيها الفقه على رأي واحد .
    وبصفة عامة جميع المسائل التي يجوز فيها الاجتهاد ، وأن مسلك ولي الأمر في ذلك ليس مطلقاً ، وإنما يجب أن يكون مستهدفًا بتنظيمه تلك المسائل تحقيق مصلحة عامة للناس أو رفع ضرر عنهم بما لا يناهض نصًّا شرعيًّا ولا يعاند حُكمًا قطعيًّا » .
    وجاء قرار محكمة القضاء الإداري سنة 1997 بأنه : لا يمكن اعتبار قرار الوزير مخالفًا للدستور . و « طالما أن الختان عمل جراحي خلت أحكام الشريعة الإسلاميَّة من حُكم يوجبه ، فالأصل ألاّ يتم بغير قصد العلاج » . « فالجراحة - أيًّا كانت طبيعتها وجسامتها - التي تجرى دون توافر سبب الإباحة بشروطه كاملة تعتبر فعلاً محرّمًا شرعًا وقانونًا التزامًا بالأصل العام الذي يقوم عليه حق الإنسان في سلامة جسمه ، وتجريم كل فعل لم يبحه المشرع يؤدي إلى المساس بهذه السلامة » .
    هذا بالنسبة لمصر ، أما في أغلب الدول الإسلامية الأخرى فهي لا تختن النساء ، كما هو الحال في المملكة العربية السعودية مثلاً ، ولعل هذا الرد الموجز على تلك الشبهة قد أزال اللبس ، وصحح الفهم في تلك القضية التي تستخدم للدعاية أكثر ما تستخدم للإنصاف ، وعلى كل حال فإن النبي  ( صلي الله عليه وسلم ) لم يختن بناته الكرام عليهن السلام .

    -------------------------
    (1) أبو داود في سننه ( ج4 ص 368 ) .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()