هذه الآيات تذكر قصة نبي الله هود عليه السلام وقومه، ودعوته إياهم إلى التوحيد، وعبادة الله عز وجل، والوعد بإمداد الله لهم جزاء ذلك بقوة مضاعفة إلى قوتهم التي تميزوا بها، وتكذيبهم له واتهامهم له وانتهاء الموقف بينهما ببيان أنه قد بلغهم رسالة الله التي أرسل بها، وأن سُنَّة الله بإهلاك المكذبين فيهم جارية، ونجاة هود والمؤمنين معه.
أمَّا قولهم إن قصة هود وقومه عاد ليس لها ذِكْر في التوراة، وقولهم: إن التوراة ليس فيها نبي بين نوح وإبراهيم، فنقول: ليس هذا فقط هو الذي خلت منه التَّوراة، فهناك قصص هي من خواص دينهم خلت منها التوراة أيضا كقصة كفالة زكريا لمريم، وكلام عيسى في المهد، وخلقه الطير من الطين بإذن الله، ونفخه فيها بإذن الله، وغيرها الكثير, إذًا خلو التوراة من ذكر قصة هود ليس دليلا على عدم ثبوت هذه القصة.
أما كون التوراة ليس فيها نبي بين نوح وإبراهيم فإن هذا لهو العجب؛ ونقول لهم: إذا كان ما قلتموه صحيحا، فأين أنبياء الله الذين هم من ذرية نوح؟
أما أن التوراة لم تذكر بين ذرية نوح رجلاً اسمه عاد، فهذا أمر عجيب، فهل يشترط في إثبات وجود إنسان أن يذكر في التوراة؟ أين إذن من عاش في هذه الفترة من التوراة؟ وهل كانت التوراة سجلاًّ أحصى كل أسماء الأشخاص الذين عاشوا قبل نزولها؟!
أما كون التوراة لم تذكر عقابًا بانقطاع المطر ثلاث سنوات إلا في أيام النبي إيليا – فعلى فرض صدق هذا- نقول: لم يقل القرآن إن المطر انقطع قبل نزوله على قوم هود ثلاث سنوات، وإنما هو اجتهاد لبعض المفسرين، ومنهم من شغل نفسه بِجَمْع كل ما قيل حول الآية، فيكون هذا من قبيل الأقوال التي ينقلها بعض أهل التفسير.
|