إسماعيل عليه السلام نبي من أنبياء الله، وهو ابن سيدنا إبراهيم عليه السلام، وله فَضْل وشَرَف عظيم؛ فقد صبر على ابتلاء الله، وذلك حينما رأى سيدنا إبراهيم في المنام أنه يذبحه، ورؤيا الأنبياء حق، فأخبر ابنه بذلك، فاستسلم مع أبيه لأمر ربه، فنجَّاه الله عز وجل من الذبح وفداه بذبح عظيم، وإسماعيل قد ساعد والده في رفع قواعد البيت، فهذا تشريف له أيضًا، ومن أعظم التَّشريف له أن جاء من سلالته المباركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وقد وصفه ربنا في هذه الآية بأنه كان صادق الوعد، وخصَّه بهذه الصفة -وإن كان الصدق صفة للأنبياء كلهم مطلقًا-؛ لأنه المشهور من خصاله، فقد وعد بالصبر على الذبح ووفَّى به، قال تعالى حاكيًا عنه قوله لأبيه: {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات: 102].
وقوله تعالى:{وَكَانَ رَسُولاً نَبِيًّا}، تدل دلالة واضحة على شرف سيدنا إسماعيل عليه السلام وتفضيله على أخيه إسحاق عليه السلام، فقد اختصه الله عز وجل بالنبوة والرسالة معًا فقد أرسله الله إلى قبيلة جُرْهم العربية ومنها تزوج وأنجب، وقد أنبأهم عن الله بشرائعه التي شرعها لهم، أما إسحاق فقد اختصه بالنبوة فقط دون الرسالة، قال الله عزَّ وجل فيه: {وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيًّا} [مريم: 49].
أما ما جاء في التوراة من وصفه بأنه إنسان وحشيٌّ، بمعنى أنه لا يُسْتَأْنس، يده على كل واحد ويد كل واحد عليه، أي: أنه ظالم جبَّار طاغية يأخذ النَّاس بالباطل ويُبَدِّل دين الأنبياء ويَكْذِب على الله ونحو ذلك، فهو متناقض مع ما جاء في الكتاب المقدس نفسه، لأننا نجده يصف إسماعيل وصفًا غير هذا الوصف، فيقول عنه "وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه ها أنا أباركه وأثَمِّرُه وأكثِّرُه كثيرًا جدًّا اثني عشر رئيسًا يلد وأجعله أمة كبيرة" [تكوين: 17: 20].
|