بتـــــاريخ : 11/15/2008 9:40:05 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1149 0


    آخر.. الأصدقاء

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : حسن حميد | المصدر : www.awu-dam.org

    كلمات مفتاحية  :

     

    في الشارع المزدحم ذي الممرات المعتمة، والمبلل بمطر البارحة، تتصاعد رائحة البهارات الزاكمة للأنوف، وتلفُّ الضجةُ والنداءاتُ الصخّابة كلَّ شيء، وامرأة طويلة جميلة تمشي ببطء شديد كي لا يتسخ حذاؤها، وكي لا تبلل نقاط المطر الموحلة أذيال ثوبها المتراقصة؛ تمشي وقد سيّجتها النظرات اللائبة غير عابئة بأحد، والإشارات الضوئية توزع ألوانها ببرود على السيارات الواقفة حيناً وعلى تلك العابرة التي علا هديرها حيناً آخر.‏

     

    في ذلك الشارع الضَّاج ذي الطوابق العديدة، والبيوت العتيقة المتآخية، وقرب الشرفات الوسيعة المسيّجة بعرائش الياسمين، هناك.. وفي الغرفة الخشبية الصغيرة التي تعلو السطح الأخير من البناء العالي، والمطلة على الدنيا، وعلى الشارع المرتبك، ثمة ألبسة باهتة الألوان لرجل عجوز ناحل، معلقة على المسامير، هامدة لا حركة فيها ولا روح، وكأس ماء فارغة، وزهرات يابسات في إناء بللوري شفيف لا خضرة لها ولا ألوان، وبساط كتاني متسخ قليلاً يمتدُّ تحت الفراش الإسفنجي الذي ينام فيه الرجل العجوز الأشيب، الملتفّ بلحافه النظيف المطرّز، وقد بدا وجهه الشمعي الناعم ساكناً لا يوحي بشيء، وقربه تراخت وريقات بيضاء، وأقلام ملوّنة مغلقة، وفوق رأسه تماماً، ارتفعت أيقونة واسعة، ذات ألوان حزينة دامعة، وبجواره.. عدة صحون، وكتب، وجرائد، وحذاء رمادي اللون، ومشط نسائي كبير، وشريطة حريرية رفيعة، وساعة ذات أرقام كبيرة لا حياة فيها ولا رنين، وعلى صفحة الحائط المتآكل قليلاً، والمبقع بالخطوط والرسوم الطفلية المتداخلة، قفص لطائر صغير نزق، راح يزقزق بضجيجٍ عالٍ دون أن ينتبه إليه أحد، أو يحسُّ به أحد؛ طائر أصفر اللون، يتقافز داخل قفصه بعصبية بادية، وقد تنافش ريشه وتناثر؛ يضرب قضبان القفص الرفيعة بقسوة بالغة؛ طائر صغير مدمّى يزقزق بصبر عجيب متواصل للرجل العجوز المنطفىء الذي لم يتحرك منذ ثلاثة أيام، لعله ينتبه.. فينهض!!.‏

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()