نشتكي من قسوة قلوبنا ، ونبحث عن هذه القلوب اللينة فلا نجدها إلا قليلا ، وهذه قصة ذكرها الإمام الحافظ ابن رجب في شرح حديث لبيك .. قال رحمه الله :
كان رجل يبكي وينادي : أين قلبي .. أين قلبي .. من وجد قلبي؟
فدخل يوما بعض السكك ، فوجد صبيا يبكي وأمه تضربه ، ثم أخرجته من الدار فأغلقت دونه الباب ، فجعل الصبي يلتفت يمينا وشمالا ، ولا يدري أين يذهب ، ولا أين يقصد ، فرجع إلى باب الدار ، فوضع رأسه على عتبته فنام ، فلما استيقظ جعل يبكي ويقول : يا أماه من يفتح لي الباب إذا أغلقت عني بابك؟
ومن يدنيني من نفسه إذا طردتني؟
ومن الذي يؤويني بعد أن غضبت علي؟
فرحمته أمه فقامت فنظرت من خلل الباب ، فوجدت ولدها تجري الدموع على خده ، متمرغا في التراب ، ففتحت الباب ، وأخذته حتى وضعته في حجرها ، وجعلت تقبله وتقول:
يا قرة عيني وعزيز نفسي ..
أنت الذي حملتني على نفسك ..
وأنت الذي تعرضت لما حل بك ..
لو كنت أطعتني لم يكن مني مكروها ..
فقال الرجل :
قد وجدت قلبي .. قد وجدت قلبي ..
هل تعرف كيف وجد قلبه؟
في التذلل على عتب باب ربه ، والخضوع لمولاه والفرار منه إليه ، لأن كل شيء تخافه تفر منه إلا الله إذا خفته فإنك تفر إليه .. ﴿ ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ﴾