هل يجوز الافطار للمعتمر
السؤال:وصلت رسالة من المستمع نون عين ميم العتيبي من منطقة عفيف يقول: سمعت رجلاً يقول بأنه إذا اعتمر الرجل في رمضان لا يجوز له الإفطار لأنه ذاهب يؤدي نافلة فلا يجوز أن يترك فريضة، ونحن إذا ذهبنا لأداء العمرة فإننا نفطر ولكن أصابنا الشك بهذا الكلام نرجو من فضيلة الشيخ الإفادة؟
الجواب
السؤال: إذا سافر الإنسان للعمرة في رمضان فإن له أن يفطر من حين أن يخرج من بلده إلى أن يرجع إليها ولو بقي في مكة كل الشهر فإنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة في رمضان ولم يصم بقية الشهر مع أنه دخلها في اليوم الثامن عشر أو في اليوم العشرين في العشر الأواخر التي هي أفضل أيام ليالي رمضان وأيامه ومع ذلك لم يصم، كما ثبت ذلك في صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضى الله عنهما، ولا شك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على الخير وأنه صلى الله عليه وسلم مشرِّع لأمته ولكنه أخذ برخصة الله فلم يصم وهو في جوف مكة في العشر الأواخر من رمضان والذي أفتاهم بأنه لا يجوز وعلل بأن صوم رمضان واجب والعمرة سنة لا شك أنه جاهل جهلاً مركباً لأنه جهل وجهل أنه جاهل فإن صوم رمضان في السفر ليس بواجب بنص الكتاب وإجماع الأمة قال الله تعالى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدي والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر) فالمسافر لا يجب عليه الصوم بإجماع المسلمين وبدلالة الكتاب والسنة على ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم أفطر في سفره وكان أصحابه معه منهم الصائم ومنهم المفطر، ولم يقل أحد من أهل العلم إن السفر في رمضان حرام إلا إذا كان واجباً، حتى لو فرض أنه سافر سفراً واجباً فإنه يمكن أن نقول إنه لا شيء أوجب من أركان الإسلام الخمسة وما كان واجباً يمكن أن يتلافى بعد رمضان وحينئذ نقول لا تسافر لا سفراً واجباً ولا غير واجب في رمضان، ولم يقل بذلك أحد، بل يجوز للإنسان أن يسافر في رمضان سفراً مباحاً ولو للنزهة ويفطر ولا حرج عليه في هذا، نعم لو فرضنا أن شخصاً سافر من أجل أن يفطر أي سافر تحيلاً على الفطر فحينئذ قد نقول إن ذلك حرام عليه، أي أنه يحرم عليه أن يسافر وأن يفطر لأن التحيل على إسقاط ما فرض الله لا يسقط فرائض الله، وأما من سافر لغرض مقصود لا يقصد بذلك الفطر فإن له أن يفطر بالإجماع، بل بالنص والإجماع، وإنني أوجه نصيحة لهذا الأخ الذي أفتاهم بأن يتقي الله عز وجل وأن يعرف حق الله وأن يتأدب بين يدي الله عز وجل ورسوله فإن الله تعالى يقول (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم) ويقول تعالى (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به من سلطاناً وأن تقولوا على الله مالا تعلمون) وهذا نص صريح في تحريم القول على الله بلا علم، وهذا يشمل القول على الله في ذاته أو في أسمائه أو في صفاته أو في أفعاله أو في أحكامه، كل ذلك حرام لا يحل لأحد أن يتجرأ عليه فيفتي بغير علم، ولا شك أن الإفتاء بغير علم مع كونه محرماً لا شك أنه خلاف الأدب مع الله ورسوله فإن الإفتاء بغير علم تقديم بين يدي الله ورسوله وقد قال الله تعالى (يا أيها الذين أمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم) إني أنصح هذا الأخ وأمثاله من القول على الله بلا علم من إفتاء الناس بلا علم لأن المفتي مبلغ عن الله عز وجل فليتق الله امرئ عرف قدر نفسه وعرف قدر ربه وقدر شريعته وليتأنى وليصبر فإن كان الله تعالى كان قد كتب له إمامة في الدين فإنها لن تأتيه باستعجالها في معاصي الله ولا تأتيه الإمامة في الدين إلا بالصبر وحبس النفس والتأني والتقوى كما قال الله تعالى (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بئاياتنا يوقنون) فليصبر حتى يأتيه الله العلم والحكمة وحينئذ يتكلم بما أعطاه الله ليكون إماماً أسأل الله تعالى لي ولإخواني المؤمنين أن يثبتنا بالقول الثابت وأن يحمينا أن نقول عليه ما لا نعلم.
تاريخ إضافة المقاله : 19-11-2008