عندما تحكم أمريكا بيوتنا من الداخل
رؤية أعمق لقضية حميدان التركي
صوت السلف
الحمد لله،والصلاة، والسلام على رسول الله، وبعد،
حميدان التركي مبعوث سعودي للدراسات العليا في إحدى جامعات أمريكا، حصل على الماجستير، وفي طريقه للحصول على الدكتوراه، مظهره يوحي بأنه منتمٍ إلى التيار الوسطي في السعودية -الذي يمكن أن يكون يعرف في بعض البلدان الإسلامية الأخرى متشددًا، ويعرفه الأمريكان إرهابيًا- الرجل ملتح، وزوجته ترتدي النقاب السعودي -الذي لمشايخ السعودية تحفظات عليه، بأنه ليس هو الجلباب المأمور به شرعًا-، والرجل محافظ على الصلاة، ومن الواضح أنه وجد وسيلة ما للتعايش مع زملاء العمل والدراسة، بدليل بقائه ثماني سنوات بينهم بلا مشكلة، والظاهر كما صرح بذلك الأخ/ حميدان أنه كان يقوم بالدعوة إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة.
وبدأت المشكلة حينما لم يقم الأخ/ حميدان بتجديد الإقامة لخادمته الإندونيسية المسلمة، والتي تحفظ هي الأخرى على درجة لا بأس بها من الالتزام بالمظهر الإسلامي.
تحركت جحافل قوات الأمن الأمريكية، وكأنها قوات الأمن المركزي في بلاد العالم الثالث التي ما فتأت أمريكا تعيره بتضييعه للحريات، وتم القبض على الأخ/ حميدان، وعلى زوجته، وعلى الخادمة، بتهمة خرق قوانين الهجرة -لاحظ التهم الجماعية-.
وبعد التحقيق أخلي سبيل الأخ/ حميدان، وزوجته، وأبقيت الخادمة، لغرض في نفس المحقق الذي بدأ يحرضها على أن تشتكي من مخدومها -مع أن هذا يتنافى مع المبادئ القانونية التي تجعل صاحب الحق هو الذي يملك إن وجد اعتداء عليه أن يشتكي-، وفي أول الأمر ذكرت الخادمة أن مخدومها يحسن معاملتها، وأنها لا تشتكي شيئًا.
وفي الجلسة التالية للتحقيق، وبعد أن كان ما كان مما لم نره، ولكن لا يصعب علينا توقعه، ولا أريدك أن تذهب بعيدًا لكي تتوهم أن سلوك الأمن المركزي قد انتقل إلى التحقيق أيضًا، ففي مثل هذه الحالات يملك الأمريكي سياسة العصا والجزرة، والتي أجدت مع أنظمة، فهل ستعجز على هذه الفتاة الصغيرة؟
ونحن أمام أحد احتمالين: إما أن هذه الخادمة غير سوية، ولكن سلطة مخدومها أجبرتها على الاستقامة الظاهرية، وأن المحقق اكتشف هذا فوعدها إن اشتكت مخدومها أن تحصل على الثروة والحرية، وتصبح سيدة أمريكية، بعد أن كانت خادمة إندونيسية.
وإما أن المحقق قد أوهمها بأن مخدومها سوف يحاكم بتهمة الانضمام إلى القاعدة، التي أصبحت تهمة أقرب إلى كل ملتح من شراك نعله لاسيما في أمريكا، وأنه لا سبيل أمامها للفرار من هذه التهمة إلا ارتداء ثوب الفجور، والتبرؤ من سلوكيات مخدومها القاعدية، وأياً ما كان الأمر فقد جاءت اعترافات الخادمة الجديدة على هذا النحو، أن مخدومها قام بكل ما يلي:
1- منعها من الاتصال بصديقها.
2- ألزمها الحجاب.
3- جعل مقر إقامتها قبو مظلم، بما يتنافى مع حقوق الإنسان. وواضح أن هذا كان من الأخ بعدًا عن الاختلاط بها، وإن كان الأولى بمن لا يملك دارًا واسعة،ولايحتاج حاجة ملحة إلى خادمة ألا يفعل، ولكن قدر الله، وما شاء فعل.
4- والأطمُّ من ذلك أن هذا الذي منعها من الفجر مع صديقها، وألزمها الحجاب، تحرش بها جنسيًا، وتم توصيف هذا التحرش أنه من الدرجة الرابعة، بما يعني أنها ذكرت أنه ربما قال لها أحيانًا كلاماً قد يحتمل دلالة جنسية.
أضافت سلطات التحقيق تهمًا أخرى منها:
1- الاستيلاء على أوراق عامة -جواز الخادمة- لأنه كان يضعه في خزانة منزله، ولم يعطه لها.
2- الاستيلاء على أموال عامة، لأنه بامتناعه عن تجديد الإقامة للخادمة منع أموال الدولة -وواضح الفرق بين منع الحق، ولاستيلاء على المال، إلا إذا كان القانون الأمريكي من وضع جينكيز خان.
وقدم الأخ/ حميدان للمحاكمة، وأدين بكل هذه التهم، ووصل مجموع الأحكام عليه28سنة، وتم تداول القضية إعلاميًا بأنها قضية تحرش جنسي بالخادمة.
ولن نعيد ما رددته كثير من الدوائر من التساؤل عن حقوق الإنسان في أمريكا، وعن كيدية التهمة، ومن تحامل المحقق على الأخ/ حميدان، ومن المقارنة بين حميدان الذي حكم عليه بأكثر من ربع قرن سجن في قضية تحرش من الدرجة الرابعة، وبين قضية "كلينتون- مونيكا" التي أغلقت، ويا دار ما دخلك شر، إلى آخر ذلك.
ولكن فقط نود أن نشير إلى أن الشرطي الأمريكي لا يطمح فقط في حكم بلاد المسلمين من قصور الحكم العالية، بل إن الشرطي الأمريكي سوف يقفز إلى داخل البيوت، وهو إن كان يفعل ذلك في بيوت المسلمين المقيمين في أمريكا، فإن هذه التجربة ستكون أكثر قابلية للتطبيق في بيوت المسلمين في بلادهم إذا سيطر عليها الشرطي الأمريكي.
وسوف يقفز المحقق الأمريكي داخل البيت لأي سب -التأخر في دفع فاتورة الماء، الكهرباء، التليفون، أو بلاغ كاذب بوجود أسلحة ومتفجرات-، وسوف يتعامل المحقق الأمريكي بكل لباقة، وشياكة، وسيأخذ كل من في البيت في سيارة مكيفة، ويخلو بهم المحقق الأمريكي واحدًا واحدًا، ولن يعدم خادمًا أو خادمة -الحمد لله الذي عافانا-، ولن يعدم ابنًا أو بنتاً أو قريباً عنده بوادر انحراف، وبينما رب البيت مشغول بمحاولة ضبط سلوكه باللين تارة، وبالشدة تارة أخرى، إذا بالمحقق الأمريكي ضع يده على الجرح، وتخرج قائمة اتهامات من الابن أو الابنة أو الخادمة "منعني حريتي الشخصية، أجبرني على الصلاة، ضربني من أجل كذا، ......" ويفاجأ الأب المسلم بأن الأب الأمريكي يغصب منه صلاحياته، ويلقيه في غياهب السجون التي لا مانع أن تكون مكيفة هي الأخرى، مجهزة بأجهزة الفيديو والدش، لكي يخرج رب الأسرة منها إنساناً صالحًا متحضرًا، قابلاً للتعايش مع الأسرة التي لن يجد الأب الأمريكي عناء في أن يلقيها في براثن الشيطان.
تلك أحلامهم كما بدت لنا من وحي تلك القصة العجيبة للأخ/ حميدان التركي، وتلك التي يبذلون من أجلها كل غال ورخيص، ولكن سينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم لا ينصرون.
ولكن السؤال: أين دورنا في مقاومة هذه المؤامرات التي تحاك ضدنا؟
ولذلك فإننا نناشد إخواننا الدعاة الذين يهونون من شأن قضية الحاكمية، زجرًا للشباب عن الخوض فيها حتى لا يجر ذلك إلى المصادمات الدموية التي اكتوينا جميعًا بنيرانها مع السلطات في بلاد المسلمين.
اضبطوا الشباب علموهم ضوابط التكفير، علموهم ضابط الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، بينوا لهم مفاسد الصراعات التي دارت في بلاد المسلمين طوال الفترة الماضية،ولكن أبقوا على قضية الحكم بغير ما أنزل الله، وقضية الدخول في طاعة الكفار كما هي لا تمسوها.
أولاً: تعظيما للكتاب والسنة.
ثانياً: لأنك لا تدري ماذا يحدث غداً، فربما وجدت المحقق الأمريكي يستخدم القانون الأمريكي في إشاعة الفاحشة في بيتك، فضلاً عن بلدك .
إن إقامة الحواجز النفسية بين المسلمين ومناهج الكفار، وطرقهم، وقوانينهم هي خط الحماية الأول من هذه المؤامرات.
نسأل الله أن يقينا شر الفتن، ما ظهر منها وما بطن.