أكمل حالات المؤمن
كتبه/ أحمد فريد
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
أكمل حالات المؤمن أن يكون اشتغاله بطاعة الله -عز وجل-، والجهاد في سبيله، والدعوة إلى دينه، والله -عز وجل- يسوق له الرزق.
وهذه حال نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام-، فإنه كان داعياًً إلى توحيد الله -عز وجل- باللسان والسيف والسنان، والله -تعالى- يسوق له الرزق كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (وجعل رزقي تحت ظل رمحي).
قال عمر بن عبد العزيز: إن الله -تعالى- بعث محمدا -صلى الله عليه وسلم- هاديا ولم يبعثه جابياً. فكان -صلى الله عليه وسلم- شغله بطاعة الله -عز وجل- والدعوة إلى توحيده، وما يحصل في خلال ذلك من الأحوال من الفيء والغنائم، فيحصل تبعاً لا قصداً أصلياً، ولهذا ذم من ترك الجهاد واشتغل باكتساب الأموال، وفي ذلك نزل قول الله -تعالى-: (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة:195).
لما عزم الأنصار على ترك الجهاد، والاشتغال بإصلاح أموالهم وأراضيهم.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا تبايعتم بالعينة، واتبعتم أذناب البقر، وتركتم الجهاد، سلـط الله عليكم ذلاً لا ينزعه الله -عز وجل- من رقابكم، حتـى تراجـعوا ديـنكم ).
قال مكحول: إن المسلمين لما قدموا الشام، ذكر لهم زرع الحولة، فزرعوا، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فبعث إلى زرعهم وقد ابيض وأدرك فحرقه بالنار، ثم كتب إليهم: إن الله جعل أرزاق هذه الأمة في أسنة رماحها، وتحت أزجتها، فإذا زرعوا كانوا كالناس. خرجه أسد بن موسى.
وقيل لبعضهم: لو اتخذت مزرعة للعيال؟ فقال: والله ما جئنا زراعين، ولكن جئنا لنقتل أهل الزرع ونأكل زرعهم.
فالله -عز وجل- خلق المال من أجل أن يستعان به على طاعة الله -عز وجل- وتوحيده، فإذا استعمله المشركون في المعاصي والصد عن سبيل الله -عز وجل-، سلط الله -عز وجل- عليهم عباده المؤمنين فانتزعوه من أيديهم، وعملوا فيه بطاعة الله -عز وجل-، ولذلك سمي الفيء فيئاً، لأنه يعود لأصحابه الحقيقيين، الذين يستعملونه في طاعة الله -عز وجل-.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة).
وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- مرفوعاً: (من جعل الهموم هما واحداً: هم آخرته ، كفاه الله هم دنياه، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله -عز وجل- في أي أوديتها هلك).
وفي بعض الآثار يقول الله -تعالى-: "يا دنيا اخدمي من خدمني، واستخدمي من خدمك".