الحلقة 18:
زمرة التائبين
(إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) البقرة) ما بالك بقوم يحبهم الله عز وجل؟ إذا أحب الله تعالى قوماً نظر إليهم وإذا نظر إليهم لم يعذبهم أبداً. هكذا هو الحال كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون وكما جاء في الحديث القدسي: لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ثم جاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم. إن الله يحب التوبة، "إن الله يحب كل مفتّنٍ تواب" كما قال r: " إن عبداً أذنب ذنباً فقال: يا رب أذنبت ذنباً فاغفره لي فيقول الرب عز وجل: علِم عبدي أن له رباً يغفر الذنوب ويأخذ بها قد غفرت لعبدي، ثم أذنب ذنباً آخر فقال: : يا رب أذنبت ذنباً فاغفره لي فيقول الرب عز وجل: علِم عبدي أن له رباً يغفر الذنوب ويأخذ بها قد غفرت لعبدي وليفعل عبدي ما يشاء. فإذا كان العبد كلما أذنب ذنباً إستغفر وتاب إلى الله عز وجل فليفعل ما يشاء ولم يعد إلى الذنب ولكنه أذنب ذنباً من نوع آخر كما قال تعالى (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً (17) النساء) والرواية الصحيحة في تفسير قوله تعالى (من قريب) أي قبل أن تغرغر ولا أحد يدري متى يغرغر فعليك إنذ أن تسارع بالتوبة. فما عذرك يوم القيامة ان دخلت النار إن لم تأت مع هذه الزمرة العظيمة أنك بُعِثت تواباً والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وقد ذكرنا سابقاً زمرة الطائعين من الزمر العظيمة، والطائعون هؤلاء يأتون يوم القيامة ولا ذنب عليهم لم يعصوا الله يوماً، المهم صحيفتهم ليس فيها خطيئة واحدة (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) النساء) تستطيع أن تكون من هؤلاء وأنت لا تدري وما عليك إلا أن تكثر من التوبة. إن رجلاً قتل مائة رجل ( يعني عملياً واحد من الناس يقتل رجلاً كل يوم) رجل قاتل سفّاح ذهب تحركت التوبة في قلبه فذهب ليتوب فمات في طريقه إلى التوبة فغفر الله تعالى له ذنوبه وبُعِث ولا ذنب عليه وقد تاب. هكذا هي التوبة العظيمة وأبواب التوبة مفتوحة إلى يوم القيامة فإذا أردت أن تكون من أحباب الله عز وجل وكنت مفتّناً فكُن تواباً. والاستغفار لا يُبقي عليك ذنب فمن قال: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، بُعِث يوم القيامة ولا ذنب عليه حتى ولو كان فرّ من الزحف كما قال صلى الله عليه وسلم: اللهم إجعلنا من التوابين.