الشفافية والمصداقية في المعلومة الاقتصادية
لعل من أهم ملامح مرحلة العولمة واستحقاقات النظام الاقتصادى العالمى الجديد هو ما يتعلق بالشفافية والوضوح فى تكوين وتوفير وانسياب المعلومات والبيانات التى تمكِّن الاقتصادات وفعالياتها المختلفة من التعامل مع هذه المرحلة بإيجابية بحيث تتمكن من الاستفادة منها بأقصي درجة ممكنة. ويُعاب علي الدول النامية -بشكل عام- قصورها فى بناء قاعدة معلومات وبيانات اقتصادية تتسم بالشفافية والوضوح. وهى مشكلة لا تمكِّن الدول النامية من التعايش أو التفاعل مع هذه المرحلة بدون وضع حلول جذرية لها. واهتمام القيادة السعودية بهذا الجانب، كما عبَّر عنه التوجيه السامى مؤخراً، يؤكد حرصها علي أن يكون للاقتصاد السعودى دور فاعل فى هذه المرحلة، خاصة وأن المملكة العربية السعودية تحظي بمكانة دولية مرموقة علي الصعيدين السياسى والاقتصادى. والحرص علي بناء قاعدة معلومات اقتصادية وطنية ستكون له انعكاسات إيجابية علي أداء الاقتصاد السعودى فى هذه المرحلة التنموية أخذاً بعين الاعتبار علاقة هذا التوجه بسعى المملكة العربية السعودية لجذب الاستثمارات الأجنبية. وأى دراسات اقتصادية لا يمكن أن يعوَّل عليها إن لم تكن ترتكز علي قاعدة معلومات وبيانات اقتصادية صلبة وموثقة. وأعتقد أن لدينا مقومات هذه القاعدة وكل الذى نحتاجه هو وضعها فى إطارها القياسى الذى يمكِّن من الاستفادة منها وتوفيرها للمستفيدين منها، وخاصة بيوت الخبرة الوطنية والعالمية، بدرجة عالية من الشفافية والوضوح. فقد انتهي زمان حجب المعلومات وسريتها وخاصة تلك التى تتعلق بالشأن الاقتصادى. ونحن فى واقع الأمر نحتاج إلي تأطير قاعدة المعلومات والبيانات الاقتصادية الوطنية وفق المعايير الدولية حتي يمكن قياسها وإسنادها والبناء عليها. ونحتاج إلي تطوير مؤشرات اقتصادية تتعلق بأداء الاقتصاد الكلى وببعض جوانب الاقتصاد الجزئى مثل معدلات ومؤشرات البطالة. وتوجيه خادم الحرمين الشريفين يلقى علي الجهات الحكومية، بشكل خاص، مسؤولية تفعيل هذا الدور وتوفير المعلومات والبيانات باستخدام الوسائل الحديثة وفى مقدمتها شبكة الإنترنت العالمية.
وإذا كانت مصلحة الإحصاءات العامة، التابعة لوزارة التخطيط، هى البوتقة التى يفترض أن تصب فيها المعلومات والبيانات الاقتصادية الكلية والجزئية، إلا أن هذا لا يمنع من إعادة ترتيب بيت المعلومات والتأكد من انسياب المعلومات إليه ومنه بشكل يجعلها متاحة وميسرة لمن يطلبها وأن تكون مبوبة ومفصلة وفق المعايير الدولية المتعارف عليها. ومن المهم جداً أن تحرص مصلحة الإحصاءات العامة، مع الاعتراف بجهدها ودورها، علي معالجة مشكلة تباين المعلومات واختلافها بين الجهات الحكومية ذات العلاقة، الأمر الذى يضع المستفيد فى حيرة قد تصل به إلي التشكيك فى المعلومة المتاحة. وهذا ينسف بيت المعلومات من أساسه.