بتـــــاريخ : 9/5/2009 3:02:25 AM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 905 0


    شبابنا والخروج من التيه ( 5 ) تربى على التفاهة فعاش تافهاً

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : أ / مصطفى دياب | المصدر : www.anasalafy.com

    كلمات مفتاحية  :
    شبابنا الخروج التيه تفاهة

    كتبه/ مصطفى دياب

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

    إن الشباب أخصب مراحل العمر، وأجودها بحسن الإفادة، وهناك رجال تظل وقدة الشباب حارة في دمهم، وإن أنافوا على الستين لا تنطفئ لهم بشاشة، ولا يكبو لهم أمل، ولا تفتر لهم همة، وهناك شباب يحبون حبوًا على أوائل الطريق، لا ترى في عيونهم بريقًا، ولا في خطوهم عزمًا، شاخت أفئدتهم في مقتبل العمر، وعاشوا في ربيع الحياة لا زهر ولا ثمر.

    فلا وألف لا لشباب لا يخطو إلى الرجولة فيبقى خواراً، لا يستطيع أن يحمل هم الأمة، ولا هم الدعوة ولا غيرها، فلا يكون إلا قاعد الهمة، رخو العزيمة، مستريحًا لا يعمل، بل يهرب من ميدانه، ويرضى ذل دينه ووطنه، وما هذا إلا لأنه عاش عيش الجبناء، وتربى على الخوف، بل وغرس الخوف في نفسه، الخوف من كل شيء، من التجارب، من المحاولات، من الإبداع، من التفكير، من الكلام، والمناقشة، والتعليق، والمشاركة... من المستقبل.

    فيخاف من كل مبادرة، يخاف من الغد، فلا يعمل ولا يجتهد، ولا ينتج، ولا يبادر بل يردد الشعارات الهدامة كقولهم: "عيش نملة تأكل سكر"، مع أن هناك شعارٌ آخر بنفس اللغة يقول: "عيش أسد تأكل لحمة".

    لكنه يفضل الشعار الأول شعار من تربى يخاف من الشجاعة، ويخاف من الفشل، ويخاف من الخطأ، بل ويخاف من الالتزام، يشعر بأنه ضعيف لن يتمكن من تحقيق الالتزام في نفسه فيرى نفسه عاجزة أن تترك العادات التي اعتاد عليها كشرب المخدرات، أو الدخان، أو النظر إلى النساء، والمعاكسات، وعلاقات الحب والغرام.

    يرى نفسه عاجزة أن تترك العادة السيئة "الاستمناء" التي يمارسها ويدمنها، يرى الضعف والعجز والقيود أمامه من كل جهة، لا يقوى على نفسه فيدس رأسه في التراب، وكأن ليس في الإمكان أفضل مما كان، ويرفع شعار "السلامة لا يعدلها شيء" فيترك التغيير، ويترك مجاهدة نفسه، وتدريبها على طاعة الله -تعالى-، فيقعد مستكينًا خاملاً راضيًا بالدون، يحابي، وينافق، ويداهن.

    ولكن لماذا يفعل الشباب ذلك؟

    هل هي النشأة الأولى وغياب القدوة؟

    هل نشأ في مجتمع رأى أفراده يعيشون عيش الجبناء، ويخافون على مستقبلهم وعلى الحياة أكثر من خوفهم من الله؟!

    إن للوالدين أثرًا كبيرًا في غرس القيم والمبادئ والمفاهيم والسلوك في الأبناء سلبًا أو إيجابًا... بوعي أو بدون وعي أحيانًا.

    فما رأيك -أخي الحبيب- في شاب يريد أن يخرج لصلاة الفجر فيمنعه أبوه أو أمه، أو يغلقون الباب أمامه، لأن الشارع مظلم، وتملؤه الكلاب؟

    هل يربي هذا السلوك الابن على الشجاعة والجرأة أم يغرس فيه الجبن والخور والضعف، وتذهب قيمة الصلاة عنده، بل وكثير من القيم مع سلوك الآباء!.

    ما رأيك في شاب تخرج من الجامعة، ودرس وتخصص، وإذا أراد أن يشق طريقه وينشئ مشروعًا صغيرًا يسمع كلمات الأب أو الأم وهي تردد في سمعه... أنت ما زلت صغيرًا، أنت ستفشل، لابد من مساعدة والدك... أنت لست على قدر المسئولية؛ أنت ستهدر المال، وتضيع ما جمعه والدك... يا لها من كلمات تبني صرح الجبن والخوف بدلاً من العمل والتجربة؟!!.

    ما الذي سيحدث إذا هم الشاب بالمشروع ففشل؟ كم سيخسر؟ وكم سيربح من الخبرة والتجربة؟!

    أيظن الناس أن هذا العالم المشهور البارع، أو التاجر الكبير الناجح قد بدأ هكذا كبيرًا؟!

    إن هذا الكون كله ينطق بتدرج النمو فلا يمكن للحبة أن تصبح شجرة إلا بعد مدة، والمرور على أطوار في الخلق مختلفة، وقد قال الله -تعالى-: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ . ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ . ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)(المؤمنون:12-14).

    إن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- كان يبيت في بيت خالته ميمونة، ويقول لها: "إذا قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأيقظيني"، وذلك في الظلام، وهو ما يزال طفلاً صغيرًا.

    وهذا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أسلم وصلى مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وتخفى بصلاته، وهو ابن تسع سنين.

    أما الزبير بن العوام الذي أسلم وهو ابن ثماني سنين، ولما أتم اثني عشر عاماً سمع صوتًا أن أحداً أخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- فانطلق بسيفه، فلقيه النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن حاله، فقال الزبير: "أتيت أضرب بسيفي من أخذك".

    أما خالد بن الوليد -رضي الله عنه- الذي قال له الصديق -رضي الله عنه- "عجزت النساء أن يلدن مثل خالد"، خالد بن الوليد ذلك البطل الشاب الشجاع الذي أسلم، وأراد أن يهدم عالمه القديم كله، ومظاهر الشرك كلها، فلما فتح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة، بعث خالدًا إلى"نخلة"، وكانت بها العزّى فلما نظرت إليه السدنة -وهم حجابها- أمعنوا في الجبل -من الرعب والخوف من خالد- وهم يقولون: "يا عزى خبليه، يا عزى عوّريه، وإلا فموتي". فأتاها خالد، فإذا هي امرأة عريانة، ناشرة شعرها تحثو التراب على رأسها، فعممها بالسيف حتى قتلها، ثم رجع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبره، فقال "تلك العزى" ولما انتهى خالد من هدمها -هدم مقرها-، قال:

    يا عزّى كفرانك لا سبحانك إني رأيت الله قد أهانك

    وقال -رضي الله عنه- "ذهبت العزّى فلا عزّى بعد اليوم".

    أرأيت أخي الشاب: شجاعة سلفك الصالح، أرأيت كيف ربى النبي -صلى الله عليه وسلم- الرجال؟ وكيف حلت الشجاعة محل الخوف والجبن في قلوب الرجال؟

    لقد قتل جليبيب سبعة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (قتل سبعة ثم قتلوه هذا مني وأنا منه هذا مني وأنا منه) رواه مسلم.

    وهذا أبو إسحاق أحمد السرماري، كان عموده وزنه ثمانية عشر منًا -المن يساوي رطلين تقريبًا 3كجم- وزن العمود 54كجم تقريبًا، فلما شاخ جعله اثني عشر-36كجم تقريباً- وكان به يقاتل. قال عبيد الله بن واصل: "سمعت أحمد السرمّاري يقول -وأخرج سيفه- أعلم يقينا أني قتلت به ألف تركي، إن عشت قتلت به ألفاً أخرى".

    وفي حديقة الموت، قال الذهبي: "بلغنا أن البراء يوم حرب مسيلمة الكذاب أمر أصحابه أن يحتملوه على ترس على أسنة رماحهم، ويلقوه في الحديقة، فاقتحم إليهم، وشد عليهم، وقاتل حتى افتتح باب الحديقة، فجرح يومئذ بضعة وثمنين جرحًا"، وقد اشتهر أن البراء قتل في حروبه مائة نفس من الشجعان مبارزة.

    أخي الشاب لك الفخر أن تقول:

    أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع

    إن الجرأة والشجاعة والأدب من المبادئ التي كان يتربى عليها الرعيل الأول.

    أخي الحبيب: إن الشجاعة والقوة وعلو الهمة لم تكن فقط في ساحات القتال، بل في كل ميادين الحياة والعمل لدين الله، فهذا زيد بن ثابت يأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يتعلم اليهودية، فتعلمها في نصف شهر.

    أخي الحبيب: لابد من المبادرة والجرأة والشجاعة، وحمل هم الأمة، والحزن لأحزانها، والتألم لآلامها.

    أخي الحبيب: إن المسلم لا يكون جبانًا، ومهما وجدنا من آثار تربية المجتمع، فعلينا أن نقدم على العمل والعبادة، ونتوكل على الله.

    واعلم -أخي الحبيب- أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك.

    وانظر إلى نبي الله موسى وهو شاب يقف أمام طاغية العصر المتأله المتجبر الذي قال: (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي)(القصص:38)، وقال: (أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى)(النازعات:24)، فيقول فرعون لموسى وهارون: (قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى)(طه:49)، فيرد عليه بكل قوة وثبات وشجاعة، وإيمان: (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)(طه:50)، ويدخل معه في حوار طويل ينتهي بالتهديد: (قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ)(الشعراء:29)، ومع ذلك يصمد موسى، ويثبت.

    بل أين نحن -يا شباب الإسلام- من فتى في مقتبل العمر مثل نبي الله إبراهيم يحطم الأصنام ثم يقول لقومه، وعلى رأسهم النمروذ الطاغية الأكبر (أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ)(الأنبياء:67)، إنه الإيمان والشجاعة، فلا نامت أعين الجبناء.

    أخي الحبيب: هيا بنا نبني الجيل الجديد، جيل النصر، جيل العزة، والحرية، والتمكين برجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

    وصل اللهم على محمد، وعلى آله، وصحبه وسلم.

    كلمات مفتاحية  :
    شبابنا الخروج التيه تفاهة

    تعليقات الزوار ()