السؤال : أريد إجابة بالتفصيل ، لماذا لا يعتبر بخاخ الربو الذي يستعمله مرضى الربو مفسداً للصيام ؟
الجواب:
الحمد لله
بخاخ الربو علبة فيها دواء سائل يحتوى على ثلاثة عناصر ، وهي : مواد كيميائية (مستحضرات طبية) ، وماء ، وأكسجين .
وعند الضغط على البخاخ يخرج الدواء على هيئة رذاذ ، فمع أخذ المريض شهيقاً عميقاً عند الضغط على البخاخ ، يدخل هذا الرذاذ إلى القصبة الهوائية ، ولكن يبقى منه جزء في البلعوم الفمي ، وقد تدخل كمية قليلة جداً إلى المريء .
وقد ذهب بعض العلماء المعاصرين إلى أن استعمال بخاخ الربو يفسد الصوم ، قالوا : لأن محتوى البخاخ يصل إلى المعدة عن طريق الفم ، فيكون مفطراً .
وذهب أكثر العلماء المعاصرين إلى أن استعمال هذا البخاخ لا يفسد الصيام ، وهذا القول هو الصحيح ، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة:
1- أن الأصل صحة الصيام ، ولا يمكن العدول عن هذا الأصل إلا بيقين ، ووصول شيء من رذاذ هذا البخاخ إلى المعدة أمر مشكوك فيه ، فقد يدخل إلى المعدة وقد لا يدخل ، لأن الأصل أن هذه المادة تذهب إلى الجهاز التنفسي ، ولكن قد يدخل شيء منها إلى المعدة ، فمع هذا الاحتمال لا يمكن القول بفساد الصيام ، وبهذا أجيب عن دليل القول الأول .
2- على فرض أن جزءاً من هذا الدواء يدخل إلى المعدة فعلاً ، فهو معفو عنه ، ولا يفسد الصيام ، قياساً على المضمضة واستعمال السواك .
أما المضمضة فإن الصائم إذا تمضمض يتبقى في فمه شيء من ماء المضمضة ، وينزل جزء من هذا الماء إلى المعدة ، ولهذا لو تمضمض بماء به مادة مشعة ، لظهرت تلك المادة المشعة في المعدة بعد قليل ، مما يؤكد نزول شيء من ماء المضمضة إلى المعدة ، ولكن هذا الجزء النازل إلى المعدة جزء يسير قد عفا الشرع عنه ، وحكم بصحة الصيام مع المضمضة ، والجزء النازل من بخاخ الربو إلى المعدة ـ إن نزل ـ أقل من الجزء النازل مع المضمضة ، فيكون غير مفسد للصيام من باب أولى .
وأما السواك ، فإنه يحتوى على مواد تتحلل باللعاب وتنزل إلى البلعوم ثم إلى المعدة ، ولكن عفا الشرع عنها ، ولم يعتبرها مفسدة للصيام ، لأنها قليلة وغير مقصودة ، فكذلك الجزء الذي قد ينزل إلى المعدة من بخاخ الربو جزء قليل ، وغير مقصود إنزاله إلى المعدة ، فيكون غير مفسد للصيام قياساً على السواك .
وبهذا يتبين قوة هذا القول الثاني ، وقد اختاره من علمائنا المعاصرين : سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ، والشيخ محمد بن العثيمين ، والشيخ عبد الله بن جبرين ، وعلماء اللجنة الدائمة ، وقد نقلنا شيئاً من فتاويهم في هذا في جواب السؤال رقم (37650) .
انظر : "مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (المجلد العاشر، ففيه عدة بحوث عن مفطرات الصيام المعاصرة) ، "مفطرات الصيام المعاصرة" للدكتور أحمد الخليل ص (33-38)