بتـــــاريخ : 10/5/2009 9:25:50 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1227 0


    بأى عيد نفرح..؟!خطبة عيد الأضحى

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : محمد حسان | المصدر : www.mohamedhassan.org

    كلمات مفتاحية  :

    بأى عيد نفرح..؟!خطبة عيد الأضحى

     
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ([1])                                                                                                             
    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا([2])                                                                                               
    أما بعد :
    فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدى محمد ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.
    الله أكبر .... الله أكبر ،  لا إله إلا الله .. الله أكبر .. الله أكبر  ولله  الحمد.
    أحبتى في الله:
    أعلم أن اليوم عيد ومن حقنا أن نفرح .. ولقلوبنا أن تسعد
    ولكن بأى عيد تفرح وبأى قلب نسعد؟!
    والله إن العين لتدمع وإن القلب ليخزن لما آل إليه أمر المسلمين .فإن المـامل لأحوال الأمة سبكى دماً بدل الدمع!!
    ففى كل بلد على الإسلام دائرةٌ

     
     
    ينهدُّ من هولها رضوى وثهلانُ

     
    ذبحٌ وصلبًٌ وتقتيلٌ بأخوتِنا

     
     
    كما أُعدت لتُشفِْىَ الحقدَ نيرانُ

     
    يستصرخون ذوى الإيمانَ عِاطفةً
     
     
    فلم يغثْهم بيوم الروْع أعَوانُ

     
    فهل هذه غيْرةٌ أم هذه ضَعَةٌ
     
     
    للكفر ذكرٌ وللاسلامِ نسيانُ
     
    *  فبأى عيد تفرح أيها المسلم، وبأى قلب تسعد؟! وولدك في البوسنة: قد شوى على النار ، أمام والده ولمَّا تمَّ شيُّه قطعوه قطعاً ,أجبروا أباه تحت التهديد والوعيد على أن يأكل من لحم طفله فلذة كبده وثمرِة فؤاده ، ثم بعد ذلك أطلقوا عليه النيران فَقتلوه!!
     
    * فبأى عيد تفرح أيها المسلم وبأى قلب تسعد؟!
     
    وأخوك قد هدم بيته ، وشرد أهله ، وسلبت أرضه ، وسفكت دماؤه، ومزقت أشلاؤه.
    * فبأى عيد تفرح أيها المسلم وبأى قلب تسعد؟!
    وأختك في البوسنة قد انتهك عرضها ..، وضاع شرفها ..، وها هى  أخيراً تصرخ قائلة: أن اقتلونى ..، واقتلوا العار الذى أحمله بين أحشائي هذا هو رجاؤها الأخير بعد ما صرخت طويلاً..، طويلاً..!!
    وا إسلاماه ..وا إسلاماه .. وامعتصماه
     ولكن ....
    * ما ثم معتصم يغيث من استغاث به وصاح.
    ذبحوا الصبىَّ وأمَّه وفتاتها ذاتَ الوشاح.
    وعدوا على الأعراض في انتشاء وانشراح.
    يا ألف مليونٍ وأين هموا إذا دعت الجراح.
    ما ثم معتصم يغيث من استغاث به وصاح.مع أنه يقول كما في الصحيحين من حديث النعمان بن البشير:«مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى »([4]).
    فبأى عيد تفرح أيها المسلم وبأى قلب تسعد؟!
    وبرك الدماء وأكوام الأشلاء تجسد الفجيعة وتحكى المأساة فلا زالت أحداث المسرحية الهزلية المحرقة تمارسُ على خشبة المسرح العالمى..، في البوسنة ..، في الصومال ..، في كشمير..، في أوغندا ..، في الفلبين .., في بورما..، في تركستان..، في طاجكستان..، في كمبوديا..، في سيريلانكا..، في فلسطين ..، في أفغانستان..، في الجزائر ..، وأخيراً في اليمن.
    ولا زال المشاهدون من جميع أنحاء العالم قابعين في مقاعدهم ، منهم من يبارك هذه التصفية الجسدية، والتفرقة العنصرية ، ومنهم من جلس يبكى ويمسح عينه بمنديل حريرى ، ولكنه ما زال قبعاً في مقعده ، ليشهد آخر فصول المسرحية!!
    مُتْمْ قروناً والمُحَاق الأعمى يليه مُحاق.
    أىُّ شئ في عالم الغاب نحن أدميون أم نعاج نساق.
    يا قطيعاً من ألف مليون رأسٍ صار نهباً يجرى عليه السابق.
    نحن لحم للوحش والطير منا الجثث الحمر والدَّم الدفاق.
    وعلى المحصنات تبكى البواكى يا لعرض الإسلام كيف يراق.
    قد هوينا لما هوت وأعدوا، وأعدوا من الردى ترياق.
    واقتلعنا الإيمان فاسودت الدنيا علينا واسودت الأعماق.
    وإذا الجذر مات في باطن الأرض تموت الأغصان والأوراق.
     
     
    ما الذى حدث؟ وما الذى جرى لأمة .دستورها هو القرآن ..، ونبيُها هو محمدٌ عليه الصلاة والسلام.
     
    ما الذى غيرها وما الذى بدَّلها؟
    ذلت بعد عزة..!!
    وضعفت بعد قوة..!!
    وجَهلت بعد علم ..!!
    وأصبحت في ذيل القافلة الإنسانية بعد أن كانت تقود الإنسانية بجدارة واقتدار.
    * وأصبحت تتسولُ على موائد الفكر الإنسانى ، بعد أن كانت منارة تهدى الحيارى، والتائهيين، الذى أحرقهم لفحُ الهاجرِة القاتل وأرهقهم طول المشى في التيه والظلام.
    * وأصبحت الأمةُ تتأرجح في سيرها بل ولا تعرفُ طريقها الذى يجبُ عليها أن تسلكه بعد أن كانت الدليلَ الحاذق في الدروب المتشابكة في الصحراء المهلكة التى لا يهتدى للسير فيها إلاَّ الأدلاء المجربون.
    * أهذه هى الأمة التى وصفها الله بالخيرية في قوله سبحانه:
    كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ([5])                                      
    أهذه هى الأمة التى وصفها الله بالوسطية ..!؟ فقال سبحانه:
    وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا([6])                                       
    أهذا هى الأمة التى وصفها الله بالوحدة..!؟ في قوله جل وعلا:
    إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُون
    والجواب بحق وصدق:
    إن البون شاسع..، وإن الفرق كبير بين الأمة التى زكاها الله في قرآنه كلَّ هذه التزكية ، وبينَ الأمةِ التى نراها الآن في واقعنا المعاصر.
    فإننا نرى أُمةً عُطِّلت طاقاتها العقليةُ ..، والعمليةُ ..، والعدديةُ ..، والاقتصادية ..، بل والروحية ..، وأخلدت إلى الوحل ، والطين ..، وتركت ذروة سنام الإسلام..، ورضيت بالزرع..، وتبعت أذناب البقر.
    فطمع فيها الضعيف قبل القوى، والفقير قبل الغنى ..، والذليل قبل العزيز..، والقاصى قبل الدانى ..، وسلط الله عليها ذلاً مريراً أذلها لمن كتب الله عليهم الذُّل والذِّلة، من إخوان القردة والخناذير، من أبناء يهود.
    وصدق فيها قول نبيها كما في الحديث الصحيح الذى رواه أبو داود من حديث ثوبان: « يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الْأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ قَالَ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ يَنْتَزِعُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ قَالَ قُلْنَا وَمَا الْوَهْنُ قَالَ حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ» ([8])
    والسؤال الذى يطرح نفسها بشده..
    وما الذى أوصل الأمة إلى هذه الحالةِ المزرية من ضعفٍ وذلٍ؟
    ما الذى أوصل الأمة إلى هذه الحالة المزرية من جهل وفرقة وهوان ؟
    والجواب  في قول الله جل وعلا:
     إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
    هذه سنة ربانية ثابتة  لا تتغير ، ينبغى أن تكون راسخةً في القلوب والعقول .
    ولقد غيرت الأمة وبدَّلت ..، وابتعدت كثيراً ..كثيراً عن منهج الله جل وعلا.
    في جانب العقيدة..، وفى جانب العبادة ..،وفى جانب التشريع..، وفى جانب الاتباع..، وفى جانب الأخلاق..، والمعاملات والسلوك.
    والسؤال الذى بدأت تتعالى  به أصوات المخلصين الصادقين من أبناء الطائفة المنصورة.
    ما هو الحل وأين طريق الخلاص؟
    والآن..!!
    مع  كل هذه الضربات وفى وسط تلك المؤامرات وبالرغم من وجود هذا التحديات .. بفضل رب الأرض والسموات.
    بدأت الأمة تصحو من جديد..، وتعالت أصوات المخلصين الصادقين من أبناء الطائفة المنصورة التى لا يخلو منها زمان بموعود الصادق المصدوق كما في صحيح مسلم من حديث معاوية: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ » ([9])
    تعالت أصوات أبناء هذه الطائفة الكريمة ومن تبعهم من شباب في ريعان الصبان وفتيات في عمر الورود تتساءل بمرارة:
    فما الحل وأين طريق الخلاص؟
    وهذه نقطة البداية الصحيحة
    وكان الجواب حاضراً بحمد الله على ألسنة الكثيرين منهم ألا وهو :
    لا طريق لهذا الأمة للخروج مما هى فيه ، من الذل ، والضعف ، والهوان ، والاستسلام، إلا أن تعود بكليتها إلى الإسلام بكماله، وشموله، وفروعه ، وأصوله.
    إلى مصدر عزها ..، ونبع شرفها ..، ومعين كرامتها ..،وأصل قيادتها وسيادتها وبقائها. 
    وأن تعى الأمة إلى درجة اليقين هذه الحقيقة الكبيرة ، التى يعرفها أعداؤها إلى درجة اليقين.
    ولكن المشكلة الحقيقة التى تواجه المخلصين الصادقين الآن هى:
    كيف نعيد بناءَ الأمة من هذا الفتات المتناثر؟!!
    وذلك أمر يحتاج إلى جهد كبير..، وصبر جميل وتجرد لا ينقطع في أى مرحلة من مراحل البناء.
    والحق أن ما هدم في سنوات لا يمكن مطلقاً أن يُبنى في أيام !!
    ولنعلم يقينا أنه لا يمكن أن نربَّى الأمة من جديد على المنهج الربانى دفعة واحدة.
    وأنه لا يمكن أيضا أن نربى كل فرد من أفراد الأمة على حده!!
    وأعظم مُرَّبٍ عرفته الدينا..، وأعظمُ قائد شهدته الأرض محمد ، الذى بنى أمة من فتات متناثر، وأقام دولة أذلت الأكاسرة.. وأهانت القياصرة..، وغيرت مجرى التاريخ في فترة  لا تساوى في حساب الزمن شيئاً.
    هذا المربى العظيم والنبىُ الكريم لم يربَّى أمته دفعة واحدة، ولم يربى كلّ فرد من أفراد الأمة ، بل لقد كان فى أمته ضِعَافُ الإيمان ، وأهلُ المعاصي ، والذنوب ، والمعوقون والمثبطون، والمرجفون ، والمنافقون.
    إذن ما الذى صنعه رسول الله ؟!
    ربَّى القاعدة القوية المخلصة الصادقة ، ثم انطلقت هذه القاعدة لتربى بقية الأمة بالقدوة الصالحة الطيبة ، حينما انطلقت لتحول المنهج النظري إلى منهج  حياةٍ متحركٍ في دنيا الناس.
    ونحتاج اليوم لذات المنهج الذى أزال الغربة الأولى للإسلام، لنزيل به الغزبة الثانية مقتدين في ذلك بأعظم الخلق وحبيب الحق محمد ومن أقتفى أثره، واتبع هداه ، من الصحابة المهديين، ومن يتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    وأستطيع في عجالة سريعة أن أضع بين أيدى حضراتكم بعض بنود هذا المنهج للعودة بالأمة إلى مكانتها.
    وكلكم مسئول أما الله عز وجل عن تحويل هذا المنهج إلى واقع عملى.
     لأن القول إذا خالف العمل بذر بذور النفاق في القلوب كما قال علامُ الغيوب جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ  كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ    ([10])       
      أولا- نبذ الفرقة وتوحيد الصف:
     فإن الفرقة والنزاع سببٌ لذهاب الريح وتبديد القوة قال تعالى: وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ-1-
     وقال سبحانه:وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابعَظِيمٌ([12])
    ونحن إذا نادى بنبذ الفرقة وتوحيد الصف، فإنا لا نريدها وحدة غير أصول ولا نريدها وحدةٌ تجمع شتاتاً متناقضاُ على غير حق وهدى ..كلا..!!
    إنما نريدها وحدة صادقة تقوم على أصول ثابتة محدده هى :
    الأصل الأول: الانتماءُ للاسلام دون سواه:
    فلننبذ كل العصبيات ، والنعرات ، والقوميات ، وليكن ولاؤنا للإسلام دون سواه . ولنردد مع سلمان الفارسى  قوله الجميل :

    أبى الإسلام لا أب لى سواه

     
     
    إذا افتخروا بقيس أو تميم

     

     

    الأصل الثاني: توحيد مصدر الهداية والتشريع:
    ومصدر  الهداية والتشريع هو الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة وحينئذ فقط توحد العقيدة وتُصفى وتُوحدُ الشريعة وتُنقى .
    ثانيا- إعداد الكوادر الإسلامية المتخصصة
    في كل مجالات الحياة التى تنطلق  من فهم دقيق ووعى عميق بالإسلام الشامل الكامل لتحول هذا الإسلام  إلى منهج حياة..، وواقع متحرك ..، ولتسير شئون الحياة في كل نواحيها من منظور الإسلام.
    وهذا أمر عملى خطير ، ولا يمكن على الإطلاق أن يتم إلا على أيدى هذه الكوادرِ المسلمة الداعية التى تشهد للإسلام شهادة عملية بعد أن شهدت له من قبل شهادة قولية .
    ثالثا- السعى الجاد لبناء الأخلاق الإسلامية:
    وقد  يقال إننا في حاجة إلى علم وتقدم مادى، وسلاح ، ونحن نقر هذا ، ولكننا لعلى يقين جازم أن هذا كله بدون بناء أخلاقى لا قيمة له..، بل قد يعود علينا بالهلاك ، والضرر ، والدمار.
    فهذا مهندس مؤتمن على مشاريع الأمة لا يتقى الله، ولا يعرف إلا الغش ، ولا يفكر إلا فى المال، فماذا تكون النتيجة.
    انهيار رهيب لمئات البيوت، ومِنْ ثَمَّ قتل وتشريد. وهكذا فلننظر إلى جميع من ولاَّهم الله المسئولية في هذه الأمة وقد تحرروا من الأخلاق وتجردوا من الفضيلة ، إلا من رحم الله جل وعلا وماذا تكون النتيجة ؟!!
    إذن لابد أن تُقيد كل ُ هذه المقومات بأخلاق الإسلام.
    رابعا- كن إيجابيا ولا تكن سلبيا:
    فأنت  على ثغر من ثغور الإسلام لأننا نرى سلبية قاتله لا مبرر لها ، من منطلق فهم مغلوط لقول الله جل وعلا:
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ  ([13])                                                                                                                                                                                                                                          
    وقديماً خشى صدَّيقُ الأمة الأكبر رضى الله عنه هذه السلبية الناتجة عن هذا الفهم المغلوط فقام في الناس خطيباً ليوضح لهم المعنى الصحيح لهذه الآية الكريمة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إنكم تقرأون هذه الآية وتضعونها في غير موضعها وإنى سمعت رسول الله يقول:«إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُنْكِرُوهُ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِ من عنده» ([14])
    فإذا قمت بأداء واجبك فأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر ودعوت إلى الله بالحكمة البالغة ، والموعظة الحسنة ، لم يضركم بعد ذلك ضلال الضلال.
    فهيا تحرك أيها المسلم لهذا الدين ، واحمل همَّه في قلبك ..، لا تأكل ملأ بطنك ولا تنم ملء عينيك..، ولا تضحك ملء فمك..، وكأن الأمرَ لا يعنيك!!!
    فهيا تحرك فلقد جاء دورك أيها العملاق الحنون، هيَّا قُمْ ودثَّر العالَم كلَّه ببرْدِتك ذات العبقِ المحمدى.
    هيا ضمًّ العالمَ إلى صدركِ..، وأسمعه خفقات قلبك الذى وحدَّ الله.
    هيا قم واسق الدنيا كأس الفطرة ..، لتحيا بعد موات ..، ولتروى بعَد ظمأ ..، ولتُهدى بعد ضلال.
    هيا قم أيها الموحد .. لتؤدى دورك الذى من أجله خلقك الله جل وعلا، ولتجمع العلام بعد شتات .. ولتمزق غشاوة الكفر، والكيد الشيطاني بشعاع النورِ القرآنى النبوى.
    هيا فلقد جاء دورك أيها الموحد لله جل وعلا.
    ومَن أروع ما قله المفكر الشهير شبنجلز في كتابه «سقوط الحضارة» يقول:
    «إن للحضارة دورات فلكية تغرب هنا لتشرق هناك، وإن حضارة جديدة أوشكت على الشروق في أروع صورة هى حضارة الإسلام ، الذى يملك أقوى قوة روحانية عالمية نقية».
    بل إنه دين الأمن ، والأمان ، والرخاء ، والاستقرار، واسألوا اليهود والنصارى الذى عاشوا في كنفه، وتحت ظلاله الوارفة.
    وأخيراً أيها الأحباب فبقلبٍ ملؤه اليقين وِبَلُغَةٍ يحدوها الأمل أقول:
    إن المستقبل لهذا الدين رغم كيد الكافرين.
    وهاهى كتائب الصَّحوة الإسلامية تتوالى تترى في كل بقاع الدنيا رغم كل هذا الضربات المتلاحقة لتثبت للأعداء المتربصين : أن شجرة الدعوة تنمو بين الصخور .. ،وأن ماء الدعوة يسرى بين الحجارة!!
    ونحن لا نقول ذلك رجماً بالغيب ..، ولا من باب الأحلام الوريدة لتسكين الآلام وتضميد الجراح ..كلا.
    ولكنه القرآن الكريم يتحدث ..، والصادق الأمين يبشر ..، والتاريخ ، والواقع يشهدان.
    يقول الله جل وعلا: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ             ([15]) ويقول سبحانهإِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ16])    
    ويقول عز وجل: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ([17])                                                                                                                         
    وفى الحديث الذى رواه أحمد والبزار والطبرانى في الأوسط وهو حديث حسن من حديث حذيفة بن اليمان قال : «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا »
    ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ »([18])
    فإن الإسلام قادم لأنه الدين الذى ارتضاه الله للبشرية كلها وإن تأخر النصر فوعد الله لا يخلف.
    أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ينصر الإسلام ويعز المسلمين اللهم ارزقنا قبل الموت توبة وعند الموت شهادة ، وبعد الموت جنة وضواناَ
    ً.. الدعاء

    (*) خطبة  عيد الأضحى لعام 1414هـ بإستاد المنصور الرياضى
    ([1]) سورة آل عمران: 102.
    ([2]) سورة النساء:1.
    ([3]) سورة الأحزاب:70 - 71.
    ([4]) متفق عليه :[ ص.ج: 5849]، رواه البخارى (10/366) في الأدب،ومسلم(2586) في البر والصلة.
    ([5]) سورة آل عمران :110.
    ([6]) سورة البقرة:143.
    ([7]) سورة الأنبياء:92.
    ([8]) صحيح[ ص.ج: 8183]، أخرجه أبو داود رقم (4297) فى الملاحم ، ورواه أحمد(5/278) انظر الصحيحة رقم (958)
    ([9]) متفق عليه :[ ص.ج: 7290]، رواه البخارى(13/350) في الاعتصام، ومسلم رقم (1037) في الزكاة، ورقم (1925) في الإمارة ، وأبو داود رقم (4252) في الفتن، والترمذى رقم (2177،2230) في الفتن
    ([10]) سورة الصف:3،2
    ([11]) سورة الأنفال: 46
    ([12]) سورة آل عمران:105
    ([13]) سورة المائدة:105
    ([14]) صحيح[ الصحيحة: 1671، المشكاة: 5142، الطحاوية:777] رواه أحمد وأبو داود والترمذى.
    ([15]) سورة الصف:8
    ([16]) سورة الأنفال: 36
    ([17]) سورة النور: 55
     
     
    ([18]) صحيح[ الصحيحة:5]، ورواه أحمد(4/273)

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()