بتـــــاريخ : 6/16/2010 6:54:58 PM
الفــــــــئة
  • الأخبـــــــــــار
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 796 0


    التجلى الأخير لـ... عيسى

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : حنان مفيد فوزى | المصدر : www.almasry-alyoum.com

    كلمات مفتاحية  :
    التجلي الاخير عيسي مقالات اراء

    قد يراه البعض تعدياً على الذات التعبيرية المبدعة للكاتب المتميز إبراهيم عيسى، تلك الذات التى تشاركنا نهار كل يوم دستورى فنجان قهوتنا المظبوط، ذلك المسحوق البنى البرى الذى يفض اشتباك الرموش، فيحرر الحدقات من عتمة النوم، لتتدفق الدماء فى مجرى العيون، فتنعكس الرؤية الراغبة فى قراءة الذى سطره اليوم - من أول السطر حتى آخر سطر - لينتهى بنا المطاف الصباحى إلى تذوق الاثنين معاً «الطعم الذى هو فى التحويجة التركى، والمعنى الذى هو فى بطن إبراهيم المصرى»،

    ورغم تقديرى واحترامى الكامل لعيسى العوام فى بحر التركيبات اللغوية والتأملات الأدبية التى يزين بها بروازه، فإننى أختلف مع تجلياته هذه المرة بأدب كاتبة شابة لاتزال تحبو على أول السطر النقدى والتوت قدمها اليمنى وهى تطالع مقاله الأخير «الإخوان الأقباط» ولا يعنينى هنا المقارنة التى أوجدها بين الإخوان الأقباط والإخوان المسلمين، كطرفين يستخدمان نفس الحجج فى المطالبة بتطبيق إلزامات ما أو بث أوامر أخرى،

    لأنهم شوية جماعة لا يشكلون فى النسيج المصرى الوطنى بهلاله وصليبه سوى مجموعة خيوط رفيعة لا ترتقى لمستوى تصميم جلباب، وفى النهاية هم بشر - غير منزلين - قد يخطئون وقد يصيبون ولا ضرر ولا ضرار إلا على أنفسهم وعلى أولئك الذين ينجذبون إليهم تاركين خلفهم أصول ومبادئ الدين السماوى الذى نادى به الأنبياء بالمحبة والسلام دون تعصب أو تطرف،

    لكن الذى يهمنى حقاً هو تلك المقارنة التى عقدها فى غير محلها بين شريعة مسيحية ينص عليها الإنجيل المقدس هى عماد الزواج عند الأقباط وشعار متطرف ينتهج تياراً متشدداً - أحادى البعد - فحواه «الإسلام هو الحل» - منطوقاً على لسان أفراد ولا يمت للشريعة الإسلامية بصلة، وما علاقة مبادئ الزواج الكنسى وأسراره المقدسة داخل الهيكل بلافتات الإسلام هو الحل المعلقة على أعمدة النور فى بعض الطرق والميادين.. ما شأن هذا بذاك؟ مش موضوعنا!

    موضوعنا الأهم هو إذا كان الإسلام قد وضع شريعة لكل شىء من الأحوال الشخصية للأحوال غير الشخصية كما يؤكد أستاذ إبراهيم، فمن الذى أكد له أن المسيحية خصت اهتمامها بالأحوال الشخصية وقواعد الزواج والطلاق فقط عندها ولم تضع هى أيضاً شريعة مطعمة بأمثلة ومطرزة بآيات من أقوال وتعاليم السيد المسيح، له المجد، لكل شىء بدأ بوحدانية الإيمان ومروراً بالعبادات «صوم وصلاة وصدقة وتناول واعتراف»، وفى الأخلاقيات، وفى آداب التعاملات.

    كما وضعت المسيحية شريعة للزواج والطلاق والإنجاب والميراث وإكرام الوالدين ومساعدة المرضى والفقراء والأيتام والمعاقين والرفق بالأطفال وكذلك للثواب وعقاب الزانى والسارق والقاتل والشاهد بالزور... إلخ.

    ومعنى ذلك أن الأقباط ينتمون لنصوص ثابتة لم تتحرف منذ الميلاد وكذلك المسلمون يلتحفون بشعائر صميمة لم تتغير منذ الهجرة وليس من حق أحد أن يضيف أو يطرح ما هو ثابت وصميم منذ الأزل، وليس صحيحاً أن التمسك بالنصوص الدينية الصريحة والواردة فى الكتب السماوية والالتزام بها يتعارض مع مسيرة الدولة المدنية وقضائها العادل، كلنا سواسية أمام القانون، لنا الحقوق نفسها «أحياناً» وعلينا الواجبات نفسها «غالباً»،

    هذا فيما يختص بالأمور الدنيوية المدنية، أما فيما يخص الدين ومناهجه الروحية، فالأمر يختلف، فهل يملك القضاء الإدارى أن يتدخل فى أمر آية قرآنية «وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا» (سورة النساء آية ٣) ويصدر حكماً يخالف الشرع لصالح بعض المتضررين الذين يعترضون عليها بحجة أنها تحث على التعددية،

    المثل بالمثل، كيف لنا أن نلوم نيافة البابا «أقباط ومسلمون» فى امتناعه عن تنفيذ حكم قضائى يجبر الكنيسة على اختراق آية إنجيلية جاءت على لسان السيد المسيح (متى ١٨، ١٩ فى مسألة الزواج والطلاق) «أما قرأتم أن الذى خلق من البدء خلقهما ذكراً وأنثى، وقال من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسداً واحداً إذاً ليس بعد اثنين بل جسد واحد فالذى جمعه الله لا يفرقه إنسان»... «وأقول لكم إن من طلق امرأته إلا بسبب الزنى وتزوج بأخرى يزنى والذى يتزوج بمطلقة يزنى».

    فمثلما يؤمن المسلمون بما أنزل على سيدنا محمد عليه الصلاة السلام من آيات بينات يتخذونها كمنهج حياة، الأقباط أيضاً يؤمنون بأن سيدنا يسوع المسيح تجسد من الروح القدس «وصلب علناً على عهد بيلاطس البنطى وتألم وقبر وقام من بين الأموات فى اليوم الثالث كما فى الكتب» وأن تعاليمه ومبادءه المقدسة التى نادى بها من ميلاده إلى صعوده،

    أنزلت عليه من الرب صانع السموات والأرض، ليخاطب بها الجموع الذين أتوا من كل مكان ليعتمدوا باسم الآب والابن والروح القدس وليحفظوا كلماته حين قال «ما جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء.. بل لأكمل فإنى الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل».

    وقد يتصور البعض أننى من المتظاهرين اعتراضاً على السماح بالطلاق والتصريح بالزواج الثانى، لكنى أؤيد السماح والتصريح المنصوص عليه فى الكتاب المقدس لا الحكم القضائى الصادر بالأمر الواقع والذى أطالب به المجلس الإكليريكى الموقر هو إمكانية البحث والتقصى وصولاً إلى قرار عادل وحاسم «بدلاً من الانتظار عشر سنوات دون جدوى فى طابور شكاوى الزواج والطلاق أمام الكاتدرائية المرقسية».

    المرجو هو إعادة الدراسة وسرعة البت فى أمر الحالات المتقدمة التى يستحيل معها استمرارية الزواج كالنصب والاحتيال أو السجن أو علة مرضية تمنع الارتباط من أساسه إلى جانب حدوث الزنى من أحد الأطراف «وإن كان ثبوت هذه الواقعة من أصعب ما يمكن لأنه مافيش حد هيخون وياخد شهود احتياطى معاه فى جيبه عشان يلبس فى حيطة»، فليس من الرحمة ولا من العدل أن يدفع إنسان برىء ثمناً لأخطاء مجرم آخر، وليس من المنطقى أيضاً أن تسير الحياة فى مضيق خانق يوصل إلى قدر أوحد وأخير نتيجة سوء الاختيار.. والنتيجة العيش كالعدم أو الموت على قيد الحياة.

    حق ربنا.. أنه لا يسمح إلا بالمسموح به «حتى لا يتلاعب البعض بقرارات الطلاق لأتفه الأسباب»، ويصرح بغير المصرح به «رأفة بالحالات القصوى التى قهرت، وتأمل فى بدء حياة زوجية روحية من جديد».

    كلمات مفتاحية  :
    التجلي الاخير عيسي مقالات اراء

    تعليقات الزوار ()