أصبحت صورة الرئيس حسني مبارك ونجله جمال طريق أصحاب الأكشاك والمحلات التجارية للهروب من مضايقات البلدية وجذب الزبائن بادعاء تقديم تخفيضات وعروض خاصة تماشيا مع البرنامج الانتخابي للرئيس!
ففي منطقة المرج يقيم أحد المواطنين شادراً لبيع اللحوم بأسعار مخفضة «35 جنيها للكيلو» ويضع علي مدخل الشادر لافتات تحمل صورة الرئيس مبارك وجمال مبارك ـ أمين سياسات الحزب الوطني ـ مرفقة بعبارات تشير إلي أن الشادر أقيم بناءً علي توجيهات الرئيس مبارك وتعليمات جمال مبارك، وبسؤال العاملين بالشادر اتضح لنا أنه لا يمت بصلة إلي الدولة ولا يحصل علي أي دعم منها وأن صاحب الشادر مواطن عادي يمتلك محل حاتي وكبابجي بمنطقة المرج، كما قال العاملون إنهم تلقوا تعليمات بالتواجد حتي موعد الانتخابات الرئاسية القادمة.
وتقول إحدي المشتريات: «الدولة تقدم لنا هذه اللحمة مدعمة فأنا أشتري الكيلو من هنا بـ35 جنيهاً وأوفر 10 جنيهات لأسرتي والفارق بين هذه اللحمة وغيرها هو زيادة نسبة الدهن فالبائع يضع 100 جرام دهن في كل كيلو»، وتضيف:« لا علاقة لي بالسياسة وما يهمني هو توفير كيلو اللحم لأسرتي».
وتعد المنطقة المحيطة بالشادر-أمام محطة مترو أنفاق المرج مباشرة- منطقة غير صحية بالمرة لبيع اللحوم فهي بجوار موقف أتوبيسات بالإضافة إلي تراكم القمامة حول الشادر مع العلم أنه أقيم بناءً علي موافقة المجلس المحلي للمرج.
وهناك نموذج آخر في منطقة السيدة زينب بميدان أبو الريش.كشك لحوم يضع لافتات مشابهه تدعي أن الكشك هو جزء من برنامج الرئيس مبارك الانتخابي لدعم محدودي الدخل، الأمر الذي نفاه العاملون بالشادر عند سؤالهم، وقال أحد العاملين ويدعي أحمد:«هذا الكشك واحد ضمن مجموعة أكشاك أخري تابعة لشركة خاصة يقدم صاحبها اللحوم بأسعار مخفضة للمواطنين وهناك أكشاك أخري موزعة علي أنحاء القاهرة بالمطرية ومنشية ناصر والظاهر وباب الشعرية والزاوية الحمراء» نافيا تبعية الكشك للدولة أو حصوله علي أي دعم منها، مبرراً السبب في تعليق هذه اللافتات بأنها من قبيل الدعاية وجذب الناس للشراء، ويضيف:«اللحوم التي نبيعها في الكشك هي في الأصل عجول صغيرة مستوردة من استراليا وتربي في مصر وهذا هو السبب الذي يجعل ثمنها أقل من باقي اللحوم فنبيع كيلو اللحم البقري بـ 30 و35 جنيهاً، وهذه اللحوم مختومة وتخضع للكشف الطبي عندما تأتي إلي الكشك».
وننتقل من اللحوم إلي أكشاك الملابس والأحذية، ففي وسط البلد بشارع سليمان باشا تجد هناك كشكين متجاورين يقع أحدهما أمام مول طلعت حرب يفترش الرصيف ويضع بضاعته من البنطلونات والتي شيرتات والأحذية محتلاً مساحة كبيرة من الرصيف بجوار الكشك دون اعتراض من أحد، بينما يقع الآخر علي بعد أمتار، ويضع صاحبا الكشكين «لافتة ضخمة» للرئيس مبارك أعلي سطح الكشك في الناحية المواجهة لشارع سليمان باشا ومن الجهة الخلفية صورة لجمال مبارك، ويقول أحد أصحاب الكشك:« أنا حاطط الصورة عشان بحب الريس وأؤيده في الانتخابات القادمة» نافيا أن يكون السبب في وضعها الابتعاد عن مضايقات البلدية.
ويقول عبد الحي صالح، رئيس لجنة المرافق بالمجلس المحلي لمحافظة القاهرة، إن استغلال الأكشاك والشوادر للترويج السياسي لبعض الشخصيات غير مسموح به حتي لرئيس الجمهورية، وإذا أراد شخص ما أن يضع صورة الرئيس مبارك أو الإشادة بجهوده فهو حر، ولو قامت بذلك أي شخصية سياسية وقدمت للمواطنين خدمة كتوفير اللحوم بأسعار رمزية فذلك أيضاً متاح مادام لخدمة المواطنين.
ويستكمل: «لكن في حالة ثبوت أن ذلك المكان ليس صحياً فالدولة تحاسب علي ذلك لأنها هي التي منحت التراخيص أو قصرت في المتابعة وهذه الأكشاك تأخذ تراخيص مؤقتة كأكشاك الملابس أوقات الموالد والأعياد، أو لمواجهة أزمة معينة كارتفاع أسعار اللحوم ويكون ذلك بقرار من وزارة التموين وتمنح التراخيص للأشخاص المتقدمين بشرط أن يكونوا من العاملين بالمهنة في الأماكن التي تحتاج إلي توفير اللحوم بأسعار مخفضة للمواطنين البسطاء ويتولي مفتشو التموين متابعة تلك الأكشاك والتحقق من سلامة اللحوم التي تباع فيها».
من جانبه يقول عبد الغفار شكر، القيادي بحزب التجمع، إن العلاقة هنا علاقة تبادل منفعة بين أصحاب مثل هذه الشوادر والأكشاك وبين الإدارة المحلية والبلديات؛ يستفيد الطرف الأول -وهم أصحاب الأكشاك- بأخذ التراخيص وعدم توقيع المخالفات عليهم وتستفيد الإدارة المحلية بعمل دعاية انتخابية للحزب الوطني وجمال مبارك وكسب تأييد شعبي له بإيهام الناس أنه هو الذي يقدم لهم هذه الخدمات، وأحياناً يقوم بذلك أصحاب الأكشاك من أنفسهم لكسب رضاء المجلس المحلي ولمنافقة الحكومة .