سبق القول بأن الإيمان بالملائكة أحد أركان الإيمان الستة التي لا يستقيم إيمان العبد إلا بالإيمان بها، ثم ذكرنا بعض أوصافهم، وفي هذه المقالة نستكمل بعض أوصافهم وما اختصوا به من الخلق.
فمن أوصافهم:
أنهم كرام أبرار قال تعالى: ﴿ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾ (عبس: 15،16) . وقال عز وجل: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ ﴾ (الانفطار: 10،11).
ومن صفاتهم الحياء: لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حق عثمان رضي الله عنه: ) ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة (.
ومن صفاتهم أيضا العلم: قال تعالى في خطابه للملائكة: ﴿ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ (البقرة: 30) فأثبت الله عز وجل للملائكة علمًا وأثبت لنفسه علمًا لا يعلمونه. وقال تعالى في حق جبريل عليه السلام: ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾ (النجم: 5) قال الطبري: (علم محمدًا صلى الله عليه وسلم هذا القرآن جبريل عليه السلام) اهـ، وهذا متضمن وصف جبريل بالعلم والتعليم.
أما الخصائص التي اختصوا بها، فمنها:
أن مساكنهم في السماء وإنما يهبطون إلى الأرض تنفيذًا لأمر الله في الخلق وما أسند إليهم من تصريف شؤونهم. قال تعالى: ﴿ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾ (النحل: 2) ، وقال تعالى: ﴿ وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ﴾ (الزمر: 75) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ) يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم الله وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون ( .
ومنها أنهم لا يوصفون بالأنوثة، قال تعالى منكرا على الكفار ذلك: ﴿ وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ﴾ (الزخرف: 19) . وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى ﴾ (النجم: 27).
ومنها أنهم لا يعصون الله في شيء، ولا تصدر منهم الذنوب، بل طبعهم الله على طاعته، والقيام بأمره: كما قال تعالى في وصفهم: ﴿ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ (التحريم: 6) . وقال أيضا: ﴿ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ﴾ (الأنبياء: 27).
ومنها أنهم لا يفترون عن العبادة ولا يسأمون. قال تعالى: ﴿ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ﴾ (الأنبياء: 19،20) . وقال في آية أخرى: ﴿ فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ ﴾ [ (فصلت: 38).