بتـــــاريخ : 11/3/2010 4:57:14 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1422 0


    فضائل المدينة والسكنى فيها

    الناقل : SunSet | العمر :37 | الكاتب الأصلى : موقع مناسك | المصدر : www.mnask.com

    كلمات مفتاحية  :

     

    الحمد لله القائل: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ}، والصلاة والسلام على النبي المختار وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

     

    فقد تفَّرد الله سبحانه وتعالى باختيار من يختاره ويختصه من الأشخاص، والأوامر، والأزمان، والأماكن، ومما فضَّله الله سبحانه وتعالى من الأماكن مدينة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، إذ جعلها حرم رسوله صلى الله عليه وسلم، ودار هجرته، ومهبط وحيه.

     

    ونحب هنا أن نذكر جملة من فضائل هذه المدينة المباركة:

     

    1-     أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرَّمها كما حرَّم سيدنا إبراهيم عليه السلام مكة: فعن عبد الله بن زيد رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن إبراهيم حرم مكة، ودعا لها، وحرَّمت المدينة كما حرَّم إبراهيم مكة، ودعوت لها في مدها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم عليه السلام لمكة)) رواه البخاري (2129).

    2-     أنه قد ورد الوعيد الشديد على من أحدث في المدينة حدثاً، أو آوى محدثاً فيها: فعن علي رضي الله عنه قال: "ما عندنا شيء إلا كتاب الله، وهذه الصحيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((المدينة حرم ما بين عائر (جبل بقرب المدينة) إلى كذا، من أحدث فيها حدثاً، أو آوى محدثاً؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل...)) رواه البخاري (1870) قال ابن بطال: "دلَّ الحديث على أن من أحدث حدثاً، أو آوى محدثاً في غير المدينة؛ أنه غير متوعد بمثل ما توعد به من فعل ذلك بالمدينة، وإن كان قد علم أن من آوى أهل المعاصي أنه يشاركهم في الإثم؛ فإن من رضي فعل قوم وعملهم؛ التحق بهم، ولكن خُصَّت المدينة بالذكر لشرفها لكونها مهبط الوحي، وموطن الرسول عليه الصلاة والسلام، ومنها انتشر الدين في أقطار الأرض، فكان لها بذلك مزيد فضل على غيرها، وقال غيره: السر في تخصيص المدينة بالذكر أنها كانت إذ ذاك موطن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم صارت موضع الخلفاء الراشدين"(

    [1]).

     

    3-     أن من أراد أهلها بسوء أذابه الله في النار كما يذوب الملح: فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ولا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء)) رواه مسلم (1363)، وفي لفظ عند البخاري: ((لا يكيد أهل المدينة أحد إلا انماع (أي ذاب) كما ينماع الملح في الماء)) رواه البخاري (1877).

    4-     أن الله تعالى جعلها مدخل صدق: فقال تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً}(الإسراء:80) قال قتادة: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ} يعني: المدينة، {وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ} يعني: مكة، وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهذا القول هو أشهر الأقوال([2]

    ).

     

    5-     أنها لا يدخلها الدجال ولا الطاعون: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((على أنقاب المدينة ملائكة، لا يدخلها الطاعون، ولا الدجال)) رواه البخاري (1880).

     

    6-     أن المدينة ترتجف بأهلها آخر الزمان فيخرج الله منها كل كافر ومنافق: فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ليس من بلد إلا سيطؤه (يدوسه ويدخله ويفسده) الدجال، إلا مكة والمدينة ليس له من نقابها (طُرق) نقب إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها، ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات؛ فيخرج الله كل كافر ومنافق)) رواه البخاري (1881).

    7-     أن المدينة لا يدخلها رعب المسيح الدجال: فعن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال، لها يومئذ سبعة أبواب، على كل باب ملكان)) رواه البخاري (1879)، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "الجمع بين قوله: ((ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات)) - كما في الحديث السابق - وبين هذا الحديث: أن الرعب المنفي هو الخوف والفزع حتى لا يحصل لأحد فيها بسبب نزوله قربها شيء منه، أو هو عبارة عن غايته وهو غلبته عليها، والمراد بالرجفة الإرفاق، وهو إشاعة مجيئه، وأنه لا طاقة لأحد به، فيسارع حينئذ إليه من كان يتصف بالنفاق، أو الفسق، فيظهر حينئذ تمام أنها تنفى خبثها"([3]

    ).

    8-     دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لها: فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم حبِّب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة، أو أشد، وانقل حماها إلى الجحفة، اللهم بارك لنا في مدِّنا وصاعنا)) رواه البخاري (6372)، ومسلم (1376)، وعن أنس رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة)) رواه البخاري (1885)، ومسلم (1369) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "أي من بركة الدنيا بقرينة قوله في الحديث الآخر: ((اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا))، ويحتمل أن يريد ما هو أعم من ذلك، لكن يستثنى من ذلك ما خرج بدليل كتضعيف الصلاة بمكة على المدينة، واستدل به عن تفضيل المدينة على مكة وهو ظاهر من هذه الجهة، لكن لا يلزم من حصول أفضلية المفضول في شيء من الأشياء ثبوت الأفضلية له على الإطلاق"([4]

    ).

    9-     أن الإيمان يأرز إلى مدينة رسول الله: فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الإيمان ليأرز (يعنى ينضم إليها، ويجتمع بعضه إلى بعض) إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها)) رواه البخاري (1876)، ومسلم (147) قال المهلب: "فيه أن المدينة لا يأتيها إلا المؤمن، وإنما يسوقه إليها إيمانه ومحبته في النبي صلى الله عليه وسلم، فكأن الإيمان يرجع إليها كما خرج منها أولاً، ومنها ينتشر كانتشار الحية من جحرها، ثم إذا راعها شيء رجعت إلى جحرها، فكذلك الإيمان لما دخلته الدواخل لم يقصد المدينة إلا مؤمن صحيح الإيمان"([5]

    ).

    10-   أن المدينة قرية تأكل القرى: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أمرت بقرية تأكل القرى، يقولون "يثرب" وهي المدينة، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد)) رواه البخاري (1871)، ومسلم (1382) قال الإمام النووي رحمه الله: "معناه أمرت بالهجرة إليها واستيطانها، وذكروا في معنى أكلها القرى وجهين: أحدهما أنها مركز جيوش الإسلام في أول الأمر، فمنها فتحت القرى، وغنمت أموالها وسباياها، والثاني معناه أن أكلها وميرتها تكون من القرى المفتتحة، وإليها تساق غنائمها"([6]

    ).

    11-   أن الله تعالى سماها طابة: فعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله تعالى سمى المدينة طابة)) رواه مسلم (1385)، و"فيه استحباب تسميتها طابة، وليس فيه أنها لا تسمى بغيره فقد سماها الله تعالى المدينة في مواضع من القرآن، وسماها النبي صلى الله عليه وسلم طيبة..."([7]

    ).

    12-   استحباب الموت في المدينة: فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها؛ فإني أشفع لمن يموت بها)) رواه الترمذي (3917)، وأحمد (5414)، وصححه الألباني قال الإمام المناوي رحمه الله: "قوله صلى الله عليه وسلم: ((من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها)) أي من قدر أن يقيم فيها حتى يدركه الموت فليقم بها حتى يموت، فهو تحريض على لزوم الإقامة بها ليتأتى له أن يموت بها، إطلاقاً للمسبب على سببه كما في {وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}(آل عمران: من الآية102)، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((فإني أشفع لمن يموت بها)) أي أخصُّه بشفاعة غير العامة زيادة في الكرامة([8]

    ).

    13-   أن من مات فيها صابراً على لأوائها كان النبي صلى الله عليه وسلم شفيعاً له أو شهيداً: فعن أبى سعيد مولى المهري أنه جاء أبا سعيد الخدري ليالي الحرة، فاستشاره في الجلاء من المدينة، وشكا إليه أسعارها، وكثرة عياله، وأخبره أن لا صبر له على جهد المدينة ولأوائها، فقال له: ويحك لا آمرك بذلك، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يصبر أحد على لأوائها فيموت إلا كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة إذا كان مسلماً)) رواه مسلم (1374)، ومعنى اللأواء: الشدة والجوع، وأما الجهد فهو المشقة، ومعنى قوله: ((شفيعاً أو شهيداً)) إما أن يكون أعلم بهذه الجملة هكذا، وإما أن يكون أو للتقسيم، ويكون شهيداً لبعض أهل المدينة، وشفيعاً لبقيتهم، إما شفيعاً للعاصين، وشهيداً للمطيعين، وإما شهيداً لمن مات في حياته، وشفيعاً لمن مات بعده، أو غير ذلك، قال القاضي: "وهذه خصوصية زائدة على الشفاعة للمذنبين، أو للعالمين في القيمة، وعلى شهادته على جميع الأمة، وقد قال صلى الله عليه وسلم في شهداء أحد: ((أنا شهيد على هؤلاء))، فيكون لتخصيصهم بهذا كله مزيد أو زيادة منزلة وحظوة، قال: وقد يكون أو بمعنى الواو فيكون لأهل المدينة شفيعاً وشهيداً..."([9]

    ).

    14-   أن المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون: فعن سفيان بن أبي زهير رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تفتح اليمن فيأتي قوم يبسون، فيتحملون بأهليهم، ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح الشام فيأتي قوم يبسون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح العراق فيأتي قوم يبسون، فيتحملون بأهليهم، ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون)) رواه البخاري (1875)، ومسلم (1388) قال الإمام النووي رحمه الله: "معناه الإخبار عمن خرج من المدينة متحملاً بأهله، باساً في سيره، مسرعاً إلى الرخاء في الأمصار التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بفتحها، قال العلماء: في هذا الحديث معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أخبر بفتح هذه الأقاليم، وأن الناس يتحملون بأهليهم إليها، ويتركون المدينة، وأن هذه الأقاليم تفتح على هذا الترتيب، ووجد جميع ذلك كذلك بحمد الله وفضله، وفيه فضيلة سكنى المدينة، والصبر على شدتها، وضيق العيش بها، والله أعلم"([10])، وقال ابن بطال رحمه الله: "وقوله: ((والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون)) يعنى: لفضل الصلاة في مسجده التي هي خير من ألف صلاة فيما سواه، ولما في سكنى المدينة والصبر على لأوائها وشدتها، فهو خير لهم مما يصيبون من الدنيا في غيرها، والمراد بالحديث: الخارجون عن المدينة رغبة عنها، كارهين لها، فهؤلاء المدينةُ خير لهم، وهم الذين جاء فيهم الحديث ((أنها تنفى خبثها))، وأما من خرج من المدينة لحاجة، أو طلب معيشة، أو ضرورة ونيته الرجوع إليها؛ فليس بداخل في معنى الحديث، والله أعلم"([11]

    ).

     

    15-   أنه لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها: فقد ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه هلم إلى الرخاء، هلم إلى الرخاء، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، والذي نفسي بيده لا يخرج منهم أحد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيراً منه، ألا إن المدينة كالكير تخرج الخبيث، لا تقوم الساعة حتى تنفى المدينة شرارها كما ينفى الكير خبث الحديد)) رواه مسلم (1381).

     

    16-        ومن فضائلها أن فيها مسجده صلى الله عليه وسلم وبه الروضة الشريفة: وقد وردت في فضله أحاديث كثيرة منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام)) رواه البخاري (1133)، ومسلم (1394)، وقال عن الروضة: ((ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي)) رواه البخاري (1138) ومسلم (1391).

     

    17-   ومن فضائلها دفن أفضل الخلق صلى الله عليه وسلم بها: وأفضل هذه الأمة، وكثير من خير سلفها من الصحابة، ومن بعدهم.

     

    نسأل المولى عز وجل أن يحبب إلينا المدينة، وييسر لنا اكتساب فضائلها؛ إنه على كل شيء قدير، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


     

     

    [1] فتح الباري لابن حجر (20/361).

     

    [2]  تفسير ابن كثير (5/111).

     

    [3] فتح الباري لابن حجر (20/135).

     

    [4] فتح الباري لابن حجر (6/120).

     

    [5] شرح صحيح البخارى لابن بطال (4/548).

     

    [6] شرح النووي على مسلم (9/154).

     

    [7] شرح النووي على مسلم (9/156).

     

    [8] فيض القدير (6/53) بتصرف يسير.

     

    [9] شرح النووي على مسلم (9/136-137).

     

    [10] شرح النووي على مسلم (9/159).

     

    [11] شرح صحيح البخاري لابن بطال (4/547-548).

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()