حكم من جامع أهله عدة مرات في رمضان ونسي عدد الأيام
لقد تزوجت قبل سبعة أعوام وفي أواخر شعبان، وقد جامعت زوجتي في بعض أيام رمضان لجهل مني في ذلك الوقت، ومن الشيطان لعنه الله، الصيام صعب علي لعدم معرفتي بعدد الأيام، وكذلك العتق، فهل يجوز لي أن أشتري أكياس رز وأعطيها لإحدى الجمعيات الخيرية كصدقة؟ كما قلت لا أعرف الأيام التي صار فيها الجماع، هل ما ذكرته لكم صحيح ويعد كفارة، أم أنكم توجهوني بتوجيه آخر؟ جزاكم الله خيراً.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله،وصلى الله وسلم على رسول الله, وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فلا ريب أن المؤمن يحرم عليه أن يجامع في رمضان وفي نهار رمضان بل يجب عليه أن يمتنع من ذلك, لأن الجماع من المفطرات كما لايأكل ولا يشرب فهكذا لا يجامع, فإذا وقع منه ذلك وجب عليه أمور ثلاث : أحدها : التوبة إلى الله- سبحانه وتعالى- لأن ذلك معصية وواجب التوبة عن كل معصية . الأمر الثاني : قضاء اليوم الذي وقع فيه الجماع . الأمر الثالث : الكفارة والكفارة مرتبة أولها عتق رقبة مؤمنة فإن لم يستطع, فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع, فإطعام ستين مسكيناً, لكل مسكين نصف صاع من قوت بلده من سمن أو رز أو غيرهما هذا هو الواجب على من جامع زوجته في شهر رمضان, فالصيام عليه واجب وعليها كذلك أما لو جامعها في السفر فهذا معروف فالمسافر له الإ فطار بالجماع و غيره لكن إذا جامعها وهما مقيمان يلزمهما الصيام فإنه يلزمه هذه الامور الثلاث : التوبة : وقضاء اليوم, والكفارة وهي مثله إذا كانت مطاوعه أما إذا أكرهها بالقوة, والشدة ولم تستطع التخلص منه بل أجبرها فلا شيء عليها وإنما الكفارة عليه هو, و إذا كان كل منهما يعجز عن العتق وعن الصيام, فإنه يجزئ الإطعام لستين مسكيناً ثلاثين صاعاً كل صاع بين اثنين من قوت البلد من تمر, أو بر, أو رز, ولابد أن توزيعه بين الستين, ولو أن الجمعية الخيرية التزمت بذلك وفرقته بين ستين مسكيناً فلا بأس إذا اطمأن إليها, ووثق من القائمين عليها, وأنهم يوزعون ما يعطيهم على ستين مسكيناً فلا بأس إذا كان عجز على العتق والصيام, والمرأة مثلك كما تقدم, وإذا كنت لا تضبط الأيام فعليك التحري والظن فإذا ظننت أنها خمسة صمت خمسة، ظننت أنها ستة صمت ستة وهكذا تعمل بالاحتياط والظن الغالب فيكفي ذلك واتقوا الله ما استطعتم, وإذا كان المجامع جاهلاً أو ناسياً فهذا محل نظر, أما الجهل فالذي ينبغي عدم اعتباره؛ لأن أمره واضح بين المسلمين وليس أمراً خفياً يعرفه المسلمون إن الصائم لا يجامع أهله في رمضان, فينبغي عدم التعلق بالجهل وعدم الاعتذار بالجهل بل عليك أن تفعل ما ذكرنا, أما النسيان فالصواب أنه معذور إذا نسي الإنسان لأن النسيان ليس بالاختيار بل الأمر يقع على الإنسان ويغلب عليه وليس بالاختيار, وقد قال عليه الصلاة والسلام ( من نسي وهو صائم فأكل وشرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه) متفق عليه, ورواه الحاكم والجماعة بلفظ ( من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة) فالناسي معذور على الصحيح إذا صدق في كونه ناسياً بأن النسيان ليس في اختيار الإنسان رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا (286) سورة البقرة.