حكم الوصية، هل هي واجبة، بمعنى أنه لا بد لكل إنسان أن يوصي حتى ولو كان لم يكن يملك شيئاً من المال، وهل يجوز للإنسان أن يوصي بالثلث لابنه الأكبر؟
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالوصية سنة إذا كان له شيء يوصي فيه، بالثلث فأقل، إذا كان عنده مال فلا بأس أن يوصي بالثلث فأقل، أما إذا كان ماله قليل فالأحسن عدم الوصية يتركه للورثة، أما إذا كان ماله فيه خير وفيه بركة فلا مانع أن يوصي بالثلث أو الربع أو الخمس، كله خير، كأن يقول: بالصدقة للفقراء، في تعمير المساجد، في صلة الرحم، في ضحية لي ولأهل بيتي، أو لي ولوالديَّ أو ما أشبه ذلك من وجوب البر، أو في سبيل الله، يعني للجهاد في سبيل الله، لكن إذا عين الجهات يكون أحسن، للفقراء والمساكين، في تعمير المساجد حتى يكون الوكيل على بينة، ويكون له وكيل، يجعل هذه الوصية لها وكيل من أقاربه من أولاده من غيرهم، وهكذا لو كان عليه دين ما عليه بينات يجب أن يوصي به، عندي لفلان كذا ولفلان كذا، حتى لا تضيع حقوق الناس، أما إن كان عندهم وثائق فالحمد لله، لكن إذا أوصى به احتياطاً خشية أن تضيع وثائقهم أونحو ذلك، أوصى به احتياطاً لفلان عندي كذا ولفلان عندي كذا هذا طيب وهذا حسن، كذلك إذا أحب أن يخص أحداً بعطية من غير الورثة كأن يقول لخالتي كذا، أو لفلانة كذا أو فلانٍ كذا الثلث فأقل يعطيهم فلا بأس، أما الورثة لا يوصي لهم، لا أبنائه ولا غيرهم، ليس للورثة وصية، النبي - صلى الله عليه وسلم- يقول: (لا وصية لوارث)، أما غير الوارث فلا بأس، كأن يوصي لعمته لخالته لشخصٍ آخر لغيره من أقاربه بالثلث بدراهم معينة أقل من الثلث، ببيت أقل من الثلث، بسيارة أقل من الثلث وما أشبه ذلك لا مانع، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ما حق امرئٍ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)، هكذا رواه ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، واتفق على صحته، فقوله - صلى الله عليه وسلم-: (ما حق امرئٍ له شيء يريد أن يوصي فيه)، يدل على أنها الوصية لمن عنده شيء، أما إنسان ما عنده شيء ما تفعل له الوصية، أو عنده شيء لكن ما يريد أن يوصي ما تلزمه الوصية، لكن إذا أراد أن يوصي يوصي، يشهد على الوصية ويكتب كتابة موثوقة، حتى تعتمد، سواء الوصية بالثلث أو بالربع أو بالخمس أو بأقل في وجوه البر، في حج، في عمرة، في ضحية، أو وصية لإنسان يعطيه من أقاربه غير الورثة، من غير الوارث خال عم أخ، أما الوارث لا يوصى له، ولأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- يقول: (لا وصية لوارث)، يكفيه حقه الذي كتب الله له.