بدع منكرة في الإحداد لدى بعض المجتمع السوداني
الإحداد في مجتمعنا السوداني:
أولاً: لزوم المرأة المعتدة افتراشها للأرض طوال المدة المقررة.
ثانياً: مواجهة حائط الغرفة.
ثالثاً: امتناعها عن الكلام، وخاصة عند شروق الشمس وعند الغروب لفترة يطلق عليها النساء (زمن الحضان).
رابعاً: امتناعها عن الاستحمام وغسل الثياب.
فهل هذا من الدين في شيء؟
ولكثرة النساء اللائي يتقيدن بهذه الظاهرة، أرجو من سماحة الشيخ أن يوجه الجميع.[1]
كل هذا لا أصل له في الشرع؛ لأنه بدعة منكرة، والواجب امتثال أمر الله ورسوله، والتقيد بالشرع المطهر، والحذر من البدع.
وقد دل الشرع المطهر: على أن المحادة عليها أن تبقى في البيت الذي كانت تسكنه حين مات زوجها مدة أربعة أشهر وعشرا إن كانت غير حبلى؛ لقول الله سبحانه: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا[2]، أما إن كانت حبلى فهي تبقى في العدة حتى تضع الحمل؛ لقول الله عز وجل: وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ[3].
والواجب عليها ترك الطيب والحلي والملابس الجميلة والكحل والحناء. هذه هي الأشياء التي يجب أن تمتنع منها المحادة، كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما ما ذكرته السائلة؛ من كونها تفترش الأرض، ولا تجلس على بساط، فهذا لا أصل له، وهو بدعة، باطل، وكذا استقبالها الحائط بدعة لا أصل له، فتستقبل ما شاءت مثل غيرها من النساء وهكذا امتناعها عن كلام الناس بدعة لا أصل له، فلها أن تكلم من شاءت في حاجتها مثل غيرها من النساء؛ تكلم أقاربها، أولادها، تكلم جيرانها، تكلم من استأذن عليها بكلام ليس فيه محظور، لكن لا تخلو بأحد من الرجال غير محارمها كغيرها من النساء، أما الكلام فلا بأس مع محارمها وغيرهم في مصالحها وشئونها، على وجه لا ريبة فيه.
وكذلك امتناعها عن الكلام في حال الشروق والغروب لفترة يسمونها (زمن الحضان) بدعة لا أصل له، وليس عليها التزام الصمت عند الشروق والغروب، بل تتكلم في جميع الليل وفي جميع النهار، بما شاءت من الذكر وغيره مما أباح الله سبحانه.
فهذه الأشياء الأربعة كلها لا أصل لها، ولا أساس لها في الشرع المطهر، بل يجب على المسلمة تجنب ذلك، وألا تخضع للبدع والخرافات التي أحدثها الناس، وإنما عليها الالتزام بما شرع الله سبحانه من تجنب الملابس الجميلة، ومن ترك الطيب والحلي والكحل والحناء؛ لأنها تلفت النظر، وتسبب رغبة الرجال فيها، وهكذا ليس لها أن تكحل عينيها، ولا أن تستعمل الحناء، لأن هذا يسبب الفتنة بها، مع بقائها في بيت زوجها الذي مات وهي ساكنة فيه إذا تيسر ذلك، أما إذا خرب البيت، أو كان مستأجراً ولم يسمح لهم بتأجيره، أو كانت وحدها تستوحش وليس عندها أحد، فتنتقل لبيت أهلها، كل ذلك لا بأس به. وهكذا خروجها من البيت للحاجة؛ كالمستشفى والمحكمة والسوق لقضاء حاجتها ونحو ذلك.
وأما كونها تمتنع عن الاستحمام وغسل الثياب، فذلك غلط لا أصل له. فلها أن تستحم متى شاءت بليل أو نهار في أي يوم في يوم الجمعة وفي غيره ولها أن تمشط متى شاءت من دون طيب، ولها أن تغسل الثياب ثيابها أو ثياب أولادها كل هذا لا بأس به، وفق الله الجميع للعلم النافع، والعمل به.
[1] سؤال مقدم من سائل من جمهورية السودان العربية، وأجاب عنه سماحته في 9/10/1415هـ.
[2] سورة البقرة، الآية 234.
[3] سورة الطلاق، الآية 4.
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد الثاني والعشرون.