ما هي الصفات الواجب توفرها في الداعي المسلم لدعوة ملحد، أو يهودي، أو نصراني، أي هل باستطاعة أي مسلم أن يكون داعياً إلى الله؟
ليس في استطاعة كل مسلم إلا بعد التعلم، الدعوة الله تحتاج إلى علم، وتحتاج إلى لغة المخاطب أيضاً، فالله يقول –سبحانه-: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(108) سورة يوسف، بمعني على علم فمن أراد أن يدعوا الناس إلى الله فليتعلم، وليتفقه في الدين، وليعتني بالقرآن الكريم وتفسيره، ومعرفة معانيه، وليحضر عند أهل العلم، يحضر حلقات العلم، يسأل أهل العلم عما أشكل عليه حتى يصلح للدعوة، فإذا وجد من نفسه قوةً على ذلك، واستشار من يطمئن إليه من أساتذته حتى يصلح للدعوة، وحتى يوجهه إلى ما ينبغي، حتى يشير إليه بما ينبغي أن يستعمل، فإذا وجد من نفسه القدرة بأن عنده حصيلة من الأدلة الشرعية، من الكتاب والسنة في أي موضوع من المواضيع التي يريد أن يدعوا إليها، ويناقش فيها، فليتكلم وإذا كانت لغته -لغة المدعو- غير العربية، فلا بد أن يستعين بمن يفهمون اللغة من الثقات، حتى يكون واسطة بينه وبينه، في توجيه الخير، وإرشاده إلى الحق، باللغة التي يفهما بواسطة من يعرف اللغة المذكورة من الثقات المعروفين، بالعلم، والفضل وإذا كان الداعي يعرف اللغة فهذا نعمة كبيرة، يدعوا إلى الله باللغة التي يفهمها ويعرفها المخاطب، وبكل حال فالصفة التي يجب توافرها في الداعي أن يكون عنده علم، وعنده حلم، وبصيرة، حتى يدعوا إلى الله على بينة، ورفق، ولين، وبأسلوب يؤثر على المدعو، وأن يكون في نفسه صالحاً حتى لا يحتج عليه المدعو يقول أن تدعوني إلى كذا وأنت فاسد؛ تخالف أقوالك أعمالك، وأعمالك أقوالك، ينبغي له أن يكون حريصاً على أن يعمل بما يدعوا إليه، وأن يحذر على ما ينهى عنه، فالداعي يمثل دعوته بأفعاله، وأخلاقه، ومستواه.... الناس، وينبغي أيضاً أن تكون عنده حصيلة محفوظة من الأحاديث الصحيحة، ومن آثار السلف الصالح الذين قاموا بالدعوة، حتى يتأسى بهم مع كتاب الله -عز وجل-، والعناية بحفظه وتدبر معانيه، والاستعانة بكلام أئمة التفسير المعروفين بالعلم والفضل والعقيدة الصالحة، كالإمام بن جرير، و البغوي، وابن كثير، وغيرهم من أئمة التفسير الذين يستفاد من كلامهم في تفسير كلام الله -عز وجل-، فالحاصل أنه لا بد من بصيرة ولا بد من أخلاق فاضلة، أن يكون ذا خلق كريم في حلمه، وقوله، وعمله، وأساليبه، حتى لا يجد المدعو ثغرة يدخل منها عليه لينتقصه، أو ليهجن دعوته، ويقول إنك لست كما تقول. جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ كأنها تفرق بين دعوة الملحد ودعوة اليهودي ودعوة النصراني؟ نعم، لا شك، اليهودي والنصراني عندهم إيمان بالآخرة، والإيمان بالرسل، وإن كان إيمانهم مدخولاً، وإن كان لا ينفعهم؛ لأنهم خلطوا كفراً وإيماناً، لكن دعوتهم أسهل؛ لأنهم يخاطبون بكتب التي نزلت على الأنبياء، يخاطبون بالإيمان باليوم الآخر، وأن الواجب الإعداد لليوم الآخر، وأن الواجب طاعة الرسل، هم يعرفون طاعة الرسول لازمة، وأن محمداً من الرسل -عليه الصلاة والسلام-، وتقام الحجج على رسالته -عليه الصلاة والسلام-، ويدعون إلى الإيمان به، وإتباع شريعته وأنه ليس هناك نجاة إلا بإتباع محمد -عليه الصلاة والسلام-، فالحجة قائمة على اليهود، والنصارى؛ لما عندهم من العلم السابق عن الأنبياء، وإنما حملهم على الترك الهوى، والحسد، والبغي، ولاسيما اليهود، فإنها أمة الحسد، وأمة البغي، وأمة الغضب، وأمة العناد، وهكذا أئمة النصارى الذين عرفوا الحق ولكن آثروا الدنيا على الآخرة، فصاروا مشابهين لليهود في عنادهم، وفي جحدهم الحق وهم يعلمون، نسأل الله العافية، لكن الغالب على النصارى الضلال، والجهل، فهم يحتاجون إلى التعليم والتوجيه بالأدلة الشرعية، حتى يدخل في الحق، وعندهم أصل الإيمان بالآخرة، وأصل الإيمان بوجود الله، وإن كان إيماناً فاسداً مشوشاً، لا ينفعه في الآخرة؛ لأن اليهود اعتقدوا العزير ابن الله، والنصارى اعتقدوا المسيح ابن الله، ثالث ثالثة، وعندهم أيضاً غلو في أحبارهم ورهبانهم كلهم عندهم غلو في أحبارهم، ورهبانهم، عندهم أنواع من التحريف والشر، لكنه أسهل دعوتهم، أسهل من دعوة الملحد الشيوعي، أما الملحد يحتاج إلى إقامة الأدلة على وجود الله، وعلى صحة ما جاء به الرسل من العقل الذي يفهمه هو، فدعوته تحتاج إلى مزيد من البصيرة، والحكمة والتجارب، ومعرفة ..... الله في عباده ما فطر الله عليه العباد، حتى يخاطبهم بمقتضى الفطرة، والعقل، والله المستعان. جزاكم الله خيراً