نصيحة موجهة إلى الطلبة المسلمين بباكستان
إخواني رئيس وأعضاء جمعية الطلبة المسلمين بباكستان حفظهم الله تعالى . سلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أما بعد : فإني أحمد إليكم الله الذي لا الله إلا هو ، وأسأله عز وجل أن يجعل عملكم من أسباب إعلاء كلمة الله وإعزاز دينه ونصر شريعته واتباع سنة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، التي بها عز الدنيا وسعادة الآخرة ، ولا خلاص للإنسانية المضطربة إلا بسلوك سبيل هذا الرسول العظيم والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، ولا شك أن مثل هذا المؤتمر من أمثالكم شباب المسلمين إذا أخلصت فيه النيات لله عز وجل وبذلت فيه الجهود الصادقة يكون له الآثار العظيمة ، والنتائج الحسنة ، والثمار الطيبة إن شاء الله ؛ لأن الطلاب- وهم قادة المستقبل- إذا وجهوا توجيها إسلاميا صحيحا ، ونمت فيهم روح الإسلام وشبت معهم الأخلاق التي رسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين- فإنهم يكونون من أعظم أسباب سعادة أمتهم والسير بها إلى أحسن المناهج ، وتجنيبها ويلات المذاهب الهدامة والمبادئ المدمرة والعقائد المنحرفة التي تفتك بالأمم وتقتل الشعوب .
وإن الله تبارك وتعالى قد من على المسلمين بهذا الدين العظيم المشتمل على أعظم المناهج وأحسن الأنظمة وأعدل القوانين ، وقد تكفل الله عز وجل لمن يطبق شريعته أن يهديه الصراط المستقيم ، وفي ذلك يقول عز وجل : وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ[1] كما بين سبحانه أن الإسلام هو سبب حياة القلوب والأمم ، وأنه روح تحيا بها النفوس ونور يمشي في ضوئه المسلمون ، حيث يقول عز وجل : أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ[2] وكما قال عز وجل : وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ[3] وقد جرب الناس المذاهب الجديدة المنحرفة فكانت سببا لشقوة الشعوب وتدمير الحياة وإفلاس النفوس وجلب الخراب والدمار على أتباعها والمبتلين بها ، بخلاف شريعة الإسلام التي جربت في مئات السنين فكانت بلسما شافيا ودواء ناجعا لكل أمراض الإنسانية ، كما كانت ولاتزال شريعة الإسلام أعظم رابطة تجمع شمل المسلمين بقطع النظر عن أوطانهم أو ألوانهم أو لغاتهم ، فالمسلم أخو المسلم دون فرق بين جيل وجيل أو قبيلة وقبيلة أو لغة ولغة ، ولن يستشعر المسلم حلاوة الإسلام إلا إذا كان مع أخيه المسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا ، ولذلك كان الإسلام أمتن القواعد لإقامة المجتمع المثالي .
وإنا لنرجو الله تبارك وتعالى أن يوفقكم إلى العمل لرفع راية الإسلام ، وإعزاز كلمته وأن يمنحكم الفقه في دينه والمحافظة عليه والصدق في الدعوة إلى التمسك به والحذر مما يخالفه إنه سميع قريب . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أخوكم رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عبد العزيز بن عبد الله بن باز