وهذه هي الإجابة عليه: ـ
فما ذُكر من أن الله تعالى يذكر نفسه بلفظ المفرد وبلفظ الجمع فهذا صحيح، وكذا ما ذُكر أن صيغة الإفراد يُراد منها إثبات الوحدانية والتفرُّد وأن الله تعالى واحد في ذاته لا نِدَّ له وواحد في صفاته لا شبيه له وواحد في أُلوهيته لا شريك له، وإذا ذكر الله نفسه بلفظ الجمع فإن ذلك على وجه التعظيم الذي لا يستحقه على الإطلاق إلا الله وحده كقوله تعالى: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ وقوله: نَحْنُ قَسَمْنَا وقوله: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ وأشباه ذلك مما يُقصد منه تعظيم المتكلم بذلك وهو الله تعالى.
ويُحمل قوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وقوله: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وقوله: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ كل ذلك على وجه التعظيم والتبجيل؛ فهو سبحانه أهلٌ أن يُعظِّم نفسه وأن يُعظِّمه خلقه.
وأما قول من قال إنه فعل الله وفيه خدمة المخلوق فلا دليل على ذلك؛ فالله يفعل ما يشاء وله المُلك والحمد وهو المُتصرف وحده، والملائكة لا يفعلون شيئًا إلا بأمره كما قال تعالى: وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ والله أعلم.
|
|
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين |
|