لا شك في النهي عن النظر إلى أهل الدنيا نظر غبطة وتعظيم، لقول الله تعالى في سورة الحجر: لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ قال ابن كثير أي استغن بما آتاك الله من القرآن العظيم، عما هم فيه من المتاع والزهرة الفانية، وقال تعالى في وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا قال ابن كثير أي لا تنظر إلى ما هؤلاء المترفون وأشباههم ونظراؤهم فيه من النعيم، فإنما هو زهرة زائلة، ونعمة حائلة، لنختبرهم بذلك، وقليل من عبادي الشكور. وقال مجاهد أَزْوَاجًا مِنْهُمْ يعني الأغنياء. فقد آتاك خيرا مما آتاهم إلخ، ولا شك أن النهي إنما هو على وجه الغبطة، والتعظيم لما هم فيه، لما في ذلك من احتقار فضل الله تعالى، ولهذا ورد في الحديث : انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم رواه مسلم فعرف أن سبب الكراهة استحسان الدنيا وتعظيمها، والغبطة لأهلها، مما يسبب ازدراء نعمة الله على العبد، والميل إلى أهل الثروة والشهوات، كما حكى الله عن الذين غبطوا قارون فقال تعالى: فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ فأما النظر إلى الخضرة، والمناظر الجميلة المباحة، لأجل الترفيه والتسلية، والتمتع بما أباح الله تعالى، فلا بأس به، وفيه تقوية للبصر، وتنشيط للنفس، وفيه أيضًا عبرة وتذكرة لأولي النهى والله أعلم.