أما قول هذا الكاتب: إن الله يحب المتقين ذاتا وصفات أحياء وأمواتا، ويحب من أحبهم، ويحب من اقتدى بهم، ويحب من توسل بهم إليه.
فالجواب: صحيح أن الله تعالى يحب المتقين، ويحب من أحبهم واقتدى بهم، ولكن محبتهم تستلزم محبة أعمالهم؛ فمن أحبهم صادقا تتبع أفعالهم فطبقها وعمل مثل أعمالهم، فإن كنت تحب المتقين فاتق الله حق تقاته حتى يحبك الله كما أحبهم، وإذا كنت تحب المتقين فقلدهم في أفعالهم، فإن من أحب الرسول -صلى الله عليه وسلم- استن بسنته وعمل بالشرع الذي بلغه، ومن أحب الصالحين أصلح أعماله واقتفى آثار عباد الله الصالحين؛ فهذه علامات المحبة.
قال الله تعالى:
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ فمن أحب المتقين، وانهمك في الذنوب وأشرك بالله، واقترف المعاصي، وخالف سيماء أهل التقوى؛ فدعواه كاذبة خاطئة، فأما التوسل بحبهم إلى الله فجائز، فإن حب أولياء الله وأهل الخير والصلاح من أعمال البر التي يثيب الله عليها.
فإذا قلت: أسألك يا رب وأتوسل إليك بحبك وحب أوليائك، وأهل التقوى والصلاح من عبادك، أن تهب لي من فضلك وجودك ونحو ذلك؛ فلا بأس بذلك، كالتوسل بسائر الأعمال القلبية، فأما التوسل بذواتهم وأشخاصهم أو بحقهم وجاههم فقد عرفت أنه منكر من القول وزور، وأنه من وسائل تعظيمهم ورفع ذواتهم إلى ما لا يستحقه إلا الله؛ فيكون شركا أو من وسائل الشرك، والله لا يغفر أن يشرك به، بل قد توعد على الشرك بأعظم الوعيد، فكيف يحب أهله أو يثيبهم ولكن أكثرهم يجهلون.