س 74: وسئل -وفقه الله- هل يجوز أن يقوم مدرس غير أعمى بتدريس الطالبات البالغات، أو يدرس لفصل يضم طلابًا وطالبات في المتوسط فما فوق؟ وما حكم تدريس المعلمة للطلاب البالغين؟ أو التدريس لفصل يضم طلابًا وطالبات من المتوسط فما فوق؟ وهذا مشاهد في كثير من البلاد الإسلامية، نرجو بيان ذلك بالتفصيل، وجزاكم الله خيرًا.
فأجاب: الأصل أن الرجل لا يقوم أمام النساء مدرسًا ومشاهدًا لهن إلا عند الضرورة ومع التستر والتحجب؛ وذلك أنه ولا بد سينظر إلى وجوههن أو هياكلهن ويسمع أصواتهن، ولا بد أن يتناقش معهن، ومعلوم أن كل ذلك من أسباب الافتتان من بعضهم ببعض، وعلى هذا لا يجوز تولي الرجل تدريس الطالبات ولو دون البلوغ، ولا تدريس المرأة للطلاب البالغين لما ذكر من التعليل، فخير للمرأة ألا ترى الرجال ولا يراها الرجال، كما ورد ذلك في الأثر.
وأما اختلاط الدراسة في بعض البلاد الإسلامية وجمع المدارس بين الرجال والنساء، فإن ذلك من أكبر الدوافع إلى المنكرات وفشو الفواحش، وسواء تولى تدريسهم رجل أو امرأة، فإن جلوس الشباب إلى جانب الشابات، واحتكاك بعضهم ببعض مما يثير الغرائز ويبعث الهمم إلى اقتراف فاحشة الزنا، وقد ركب الله -تعالى- في الإنسان الشهوة الجنسية، وجعل فيه غريزة الميل إلى إشباع هذه الغرائز، ولا شك أن الشاب البالغ المكلف الذي قد أكمل الله خلقه وأعطاه كمال القوة مع النعمة والصحة لا بد أن يوجد فيه الميل إلى النساء بحكم العادة، فمتى كانت المرأة الشابة جالسة إلى جنبه في كل صباح، تمس بشرته أو تقابله بصباحة وجهها، ويسمعها وينظر إلى جسدها؛ فإنه ولا بد ستثور شهوته إلا من عصم الله، وهكذا يقال في الشابات، فقد جعل الله فيهن الميل إلى الرجال والشهوة الجاذبة لهن إلى فعل الجماع، الذي هو فطرة وغريزة في نوع الإنسان، ولا عبرة بقولهن: إن قلوبنا سليمة، وإن هذا شيء أصبح عاديا، وإن المتكرر لا يستنكر، وإن الحاجة داعية إلى الاختلاط للتخفيف على الدولة، ونحو ذلك من الدعاوى الخاطئة، فالمشاهد يخالف هذه الأقوال.
فننصح المسلم أن يغار على بناته وبنيه، وألا يدخل أحدًا منهم في تلك المدارس في مرحلة من مراحل الدراسة، سواء قبل البلوغ أو بعده، والله أعلم.