بتـــــاريخ : 11/15/2008 8:35:04 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1029 0


    مفاتيح العتمة

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : حـنـان درويـــش | المصدر : www.awu-dam.org

    كلمات مفتاحية  :

    تركض الأيّام إلى سدرات المنتهى، تتناثر على شرفات الوقت، بينما زينب ترتّب أوراقها، أشياءها، تفاصيل طقوسها الباهته حيناً، المتألّقة أحياناً أخرى. تمرّ الأيّام، ترحل السنون، تخلّف وراءها ذكريات، وأحاجي، وحالات متفاوتة المذاق.. فحين وعت زينب رتابة الحياة، وحين وعى رأسها الذي لا يتعب تواتر التلوّن والاستلاب، وعت حاجتها الملحّة للأمنيات، ووضعت أحلامها في مقدّمة المحافل الشتويّة، والصيفيّة، وبقيّة الفصول ... تبني أعشاشاً لآلاف القبّرات، وعرائش متوهجّة بنسائم الحب، وذرى مشرّعة تغري بالصعود، أمنياتها كبيرة، صغيرة، متوسّطة القامات..

    مدبجّة أجواؤها بالفرح، ونمنماتها بدفء الابتسام.‏

    حقلاً من الأحلام كانت زينب ..تعترف ..أنّها بددتها عرابين على أعتاب الأمكنة التي باغتتها بإشارات قاتمة، أو لنقل رمادية، أو مغبرّة. كفكفت أحزانها، بينما الطبيعة تعضّ العالم بنابها. " هزّات أرضيّة - عواصف رمليّة - أعاصير - سيول"‏

    وكان لذلك كلّه تأثيره السلبي على الدنيا من مشرقها إلى مغربها، وأبيدت مدن، وهدمت بيوت، ومات آلاف البشر. وقفت زينب مشدوهة، فاغرة فاها، لا تستطيع النطق، وهي ترى طباع الناس وقد باتت من طباع الطبيعة.. تنقلب، فينقلبون.. تبثّ سمومها، فيبثّون.. تغرز أظافرها، فيغرزون.‏

    حزنت زينب.. تساءلت كثيراً:‏

    " ماذا حصل ؟ "‏

    وعقب كلّ سؤال، كانت تكتشف أن الآخرين لم يتغيّروا، ولم يتبدّلوا.. لكنّها هي التي لم تستطع رؤية حقائقهم منذ البداية، ولم تقدر على قراءة دواخلهم بسرعة.‏

    فتقرّع نفسها، وتلومها:‏

    - " إنّني طيبّة إلى درجة المرض "‏

    تعذّبها الحال، تضغط على عنقها، فتهرب إلى مكان بعيد لا يراها فيه أحد ... مكان تسفح على صدره عبراتها المشفوعة بالمرارة، والفجيعة، والصدمة بالآخرين.. وترجع - كعادتها الجميلة - لتتعلّق بأهداب الحلم ... تتوغّل فيه، تروّضه لصالحها.. تذوب منه .‏

    بالحلم تحارب كوابيسها الماضية، وبالحلم تبدّد أرق السحاب، وتنزع الحبق الذي هدّه الصقيع، لتغرس بدلاً منه حبقاً أكثر نضاره ... وتقلب صفحتها، لتفتح صفحة جديدة.. يدها جاهزة دائماً للرسم.. تعيش حالة ألق متطوّره، خطّها البياني ينبئ بذلك، فضاؤها الرحب يحفل بآلاف الصور ... تصفقّ يداها نشوانة بالنصر، تقايض مطراً بمطر، وحمائم بأجنحة عصافير.. لكنّها، وعلى البعد تفاجأ من جديد بجوانح صقور تملأ المكان، وتقتحم هدوء مملكتها ..تصرخ زينب..‏

    - خذوا كلّ شيء، ودعوا أمنياتي‏

    تضحك الصقور ملء شدقيها، تسرق الأمنيات، وتسلّمها مفاتيح العتمة.‏

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()