الحلقة 5:
زمرة المحسنين
زمرة المحسنين هذه زمرة تقتضي شيئاً من التدريب والحِنكة لكي تكون منهم لأن فيها قوة تحتاجها إذا أردت أن تكون منهم. والإحسان هو أن تعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك وأن تصل من قطعك كما قال تعالى (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) آل عمران). ينادي منادي يوم القيامة ألا من كان أجره على الله ألا من كان أجره على الله، فليقُم فليدخل الجنة، قيل من هم؟ قال: العافون عن الناس. الذين قال عنهم تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) فصلت) ليس سهلاً هذا الأمر. قال تعالى (وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم). إذا كنت ممن يكظم غيظه مهما أغاظك إنسان أو إعتدى عليك أو نال منك أو أثار غضبك كظمت غيظك وابتسمت في وجهه وقلت إذهب عفا الله غفر الله لك فقد أصبحت من المحسنين. والمحسنون زمرة عظيمة يوم القيامة فإن الله تعالى قال (والله يحب المحسنين) وإذا أحبّ الله عبداً نظر إليه وإذا نظر إليه لا يعذبه أبداً. إذن كما قال r من كظم غيظه وهو قادر على إنفاذه دعاه الله على رؤوس الخلائق وجعله من الزمرة العظيمة التي قال عنها تعالى (وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم).
إن زمرة المحسنين في متناول يدك. كلنا نتعرض لاعتداء من جهة ما، من أحد ما، في مالك، في نفسك، في عرضك، في سمعتك، في حق من حقوقك فإذا استطعت في يوم من الأيام أن تعفو عمن ظلمك أو أن تصل من قطعك من رحِمِك، لك رحم قطعوك وآذوك وكانوا من الرحِم الكاشح المبغض لكنك وصلتهم ولم تعاقبهم كما قيل : يا رسول الله، أي الصدقة أفضل؟ قال: على ذي الرحم الكاشح (أي المُبغِض). أو أي إنسان يعتدي عليك تكظم غيظك، تعفو عمن ظلمك بصبرٍ لأجل الله عز وجل ولوجهه الكريم من غير أن تطلب بذلك عرضاً من أعراض الدنيا حينئذ صرت من هذه الزمرة العظيمة على ما فيك من عمل عظيم فإن الله تعالى سيعلم يوم القيامة وهو يعلم أن هذا من الإحسان وكونك من الكاظمين الغيظ وكونك من الذين يعفون عمن ظلمهم هذه أعظم أعمالك يوم القيامة على ما فيك من أعمال صالحة. فإذن بُعثت مع زمرة المحسنين الذين يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر فقد فزت بها والله. ولكن كما قال تعالى (وما يلقاها). أسأله تعالى أن يجعلنا من هذه الزمرة أو من أي زمرة أخرى من الزمر التي تُبعث يوم القيامة بلا حساب ولا عتاب ولا عقاب.