بتـــــاريخ : 7/18/2010 4:31:01 PM
الفــــــــئة
  • الأخبـــــــــــار
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1470 0


    فى حدود الظَّرف!

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : بلال فضل | المصدر : www.almasryalyoum.com

    كلمات مفتاحية  :
    في حدود الظروف مقالات اراء

    «شفتو أهوه.. آدى الرئيس الفرنساوى نيكولا ساركوزى ذات نفسه طِلِع متهم بالفساد.. عشان تحمدوا ربنا وتعرفوا إن مصر بخير.. والفساد فيها لسه فى الحدود الآمنة المسموح بيها دوليا» كلمات أكاد والله، ألمحها على أفواه كتبة الصحف الحكومية، يتمنون لو استطاعوا أن يكتبوها لكى يرضى عنهم الذى منحهم مناصب لا يستحقونها، لكن تمنعهم عنها غلاوة السيد ساركوزى لدى سادة بلادنا الذين لابد أنهم أيضا مستاؤون من حرمانهم بسبب مراعاة «الصداقة والعيش الباجيت والملح» من غناء موشح (فساد دولى كار) الذى أصبحنا جميعا نحفظه صَمّ: «الفساد موجود فى كل حتة.. الفساد ظاهرة عالمية.. ومع ذلك فمصر لن تتستر على الفاسدين.. ستعريهم حسب الظروف وستضحى ببعضهم فى حالة وجود حاجة ماسة لذلك.. أما الباقون الذين يعرفون قواعد اللعبة جيدا فلندع ربنا يسترها عليهم فى الدنيا ويحاسبهم فى الآخرة بمعرفته».

    بنى وطنى: قرأت نص الاتهامات التى وجهتها لساركوزى وليّة كانت تعمل محاسبة لإحدى كبريات سيدات الأعمال فى فرنسا، فداهمتنى مشاعر الشفقة والصعبانية تجاه المسيو ساركوزى لدرجة أننى لو رأيته بعدها لضممته إلى أضلاعى ضمة أم حنون، ولأخذت أرقيه وأبُخِّره وأغنى له حتى ينام هادئ البال قرير النفس، لكننى بعدها وعندما قرأت تفاصيل الضجة المثارة فى فرنسا حول تلك الاتهامات، تبدلت مشاعرى الحنونة إلى غضب عارم تجاه أولئك البلهاء فى فرنسا الذين يظنون أن هذا العبث الذى تحدثت عنه المحاسبة يمكن أن يُدعى فسادا؟،

    قال إيه، كان ساركوزى يذهب إلى قصر سيدة الأعمال فى أجل معلوم لكى يأخذ ظرفا مليئا بالفرنكات يساعده فى حملاته السياسية!، تقولها المحاسبة الحاقدة وهى تظن أنها أحرزت هدفا محققا فى مرمى ساركوزى، وبدلا من أن يسلط فخامته عليها زمرة من أشاوس أمن الدولة لكى يعلموها كيف تخاطب أسيادها، أو يأمر أجهزته لكى تلفق لها قضية زنى محارم، أو يصدر قرارا بتأميم صحيفة «اللوموند» ويعين رئيس تحرير لها لكى يكشف فى سلسلة مقالات عن عداء هذه السيدة للمسيحية وصلاتها المشبوهة بتنظيم القاعدة ونسائه المبرقعات، بدلا من كل هذا يجلس لكى يرد على اتهاماتها فى حوار تليفزيونى مكتفيا بنفى الاتهامات والتعبير عن إحباطه لأن هناك من لا يقدر ما يفعله من أجل فرنسا بل يطلب من أحد وزرائه الذين طالتهم هذه الاتهامات أن يستقيل من منصبه الحزبى.

    ظَرف؟ أى ظَرفٍ ذاك الذى تتحدثون عنه يا معشر الفرنسيين، طيب يا رب نعيش حتى نرى فى بلادنا اليوم الذى يقتنع فيه الفاسدون بأن يتقاضوا أموالا فى حدود مساحة وحجم «الأظرف»، وليس فى حدود الظروف التى لا يعلمها إلا الله وبعض من عبيده العاملين فى بنوك سويسرا وجزر الكايمان وجزر البهاماز. يا أبناء الفرنجة، احمدوا الله وقبلوا وجوه أياديكم وظهورها لأن الله رزقكم بساسة بررة لديهم من التواضع ما يجعلهم يذهبون بأنفسهم لأخذ الأظرف من بيوت مانحيها، ولديهم من القناعة ما يجعلهم يكتفون بقدر معلوم من الفساد يتوافق مع حيز الظرف الذى مهما كبر حجمه وبلغت سعته، فلن تدركوا صغره وتفاهته إلا إذا ابتليتم بمسؤولين يقول لهم المانح رغم أنفه وقد كاد يخرُّ تحت أقدامهم تذللا وتزلفا «حضرتك تؤمر بإيه يافندم عشان سيادتك مايرضيكش إن مصالحنا تتعطل أكتر من كده»، فيقولون له وهم يداعبون حبات مسابحهم وتضىء وجوههم ابتسامة العارفين «اللى تشوفه.. إنت وذوقك.. شوف إنت العملية دى هتكسبك قد إيه وإحسبها إنت.. راعى إنى مش هاخد المبلغ ده لوحدى.. أنا لو عليا أعملها لك ببلاش.. طيب نخليها خمسين فى المية من الأرباح إن شاء الله».

    يا أيها الفرنسيس، احمدوا الله أن لديكم قدرا معلوما من الفساد، وأن لديكم قانونا لا يمنع التفتيش فى ثروات الرؤساء وأبنائهم وأقاربهم، وأن عندكم نظاما يجعل آخر الرئيس إذا تم التساؤل عن ذمته المالية إبداء الضيق والاستياء لا إنزال البطش والعصف والقهر، وادعوا لنا ساعة هطول المطر تحت برج إيفل، لا أن يرزقنا الله حرية وقدرة على محاسبة مسؤولينا كالتى لديكم، بل فقط أن يرزقنا الله ما لديكم من فساد معلوم القدر، وفاسدين من ذوى الأظرف لا من ذوى الشيكات ذات البياض التى لا يعلم إلا خالق البياض والسواد بكم من المبالغ تم تسويدها.

    يا أبناء ديجول اعتذروا لرئيسكم المفدى ساركوزى، واعرفوا قيمته جيدا، ماذا وإلا، سأضطر أن أقول لكم الجملة الوحيدة التى أحفظها بالفرنسية «لاغوش ديلابوش ديلاموا»، وهى جملة حفظتها من زميلة لى أيام الجامعة، قالت لى إنها تستخدم على سبيل الهجاء المقبول، وأسأل الله ألا تكون جملة «أبيحة» يعاقب عليها القانون الفرنسى.

    هذا ولا يملك المرء منا إلا أن يقول فى نهاية المطاف: ميرسيه يا رب.

    كلمات مفتاحية  :
    في حدود الظروف مقالات اراء

    تعليقات الزوار ()