زمرة الذاكرين
(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) آل عمران) ذكراً كثيراً قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم في أي ساعة وفي أي وقت واذكروا الله حتى يقال مجانين واذكروا الله حتى يقال مراؤن المستَهتَرون بذكر الله الذين لا يبالون بما يُقال فيهم. هذه الزمرة العظيمة المنيرة يوم القيامة والتي هي من أقرب الزمر إلى الله تعالى مجلساً ومقعداً. قال رسول الله r: سبق المفرّدون، قالوا: من المفردون يا رسول الله؟ قال الذاكرون الله كثيراً والذاكرات يأتون حفافاً يوم القيامة يضع الذكر عنهم أوزارهم. ما من عمل يسبق الذكر كما قال r: "ألا أدلكم على خير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وهي خير لكم من إنفاق الورِق والذهب وخير لكم من أن تلقوا عدوّكم فتضربوا أرقابهم ويضربوا أرقابكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ذكر الله".
(اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) العنكبوت) وذكر الله منها ما هو لسانيّ تذكر الله تعالى بلسانك تسبيحاً وتحميداً وتكبيراً وتهليلاً وهذا الذكر اللساني باب عظيم من الشرع في الكتاب والسُنّة من الأوراد المأثورة. وهناك ذكر عقلي وهم العلم كما قال r: "إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: وما رياض الجنة يا رسول الله؟ قال: مجالس العِلم" هذه المجالس التي تغشاها الملائكة وتنزل عليها السكينة ويغفر الله لهم هذه مجالس الذكر. إن لله ملائكة سيّاحين فضلاء يتبعون حِلَق الذكر سواء حِلَق الذكر اللساني أو العقلاني العلمي حتى يقول تعالى فد غفرت لهم فتقول الملائكة إن فيهم فلان الخطّاء جاء لحاجة فيقول تعالى وله غفرت، هم القوم لا يشقى جليسهم. ورب العالمين يقول في الحديث القدسي: أنا جليس من ذكرني، أنا مع عبدي إذا ذكرني وتحركت بي شفتاه إذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في الملأ الأعلى في ملأ خير من ملئه"
هكذا هم الذاكرون ذهبوا بكل خير فإذا أردت أن تكون من هذه الزمرة فلا يزال لسانك رطباً من ذكر الله وإذا تعودت ذكر الله تعالى فقد اطمأننت لأنه (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) الرعد), فحاوِل أن تكون من الذاكرين باللسان أولاً ثم بالقلب ثانياً بأن تكون من الخاشعين (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (35) الحج) ثم من الذاكرين الله بعقولهم (أهل العلم) فإذا كنت من هؤلاء الذاكرين ووصلت بالذكر إلى هذه الثلاثية: أنت ذاكرٌ بلسانك، ذاكرٌ بقلبك، ذاكرٌ بعقلك فاعلم أنك قد سبقت غيرك، سبق المفرّدون الذاكرون الله كثيراً والذاكرات اللهم اجعلنا منهم