الحلقة 11:
زمرة العادلين
من الزمر الأولى التي تدخل الجنة على صروة القمر ليلة البدر بل ومن أعظمها زمرة الأئمة العادلين. والإمام العادل في المصطلح القرآني كبير القوم (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (71) الإسراء) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135) النساء) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) المائدة) (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29) الأعراف) ويقول r: "إن المقسطين عند الله على منابر من نور" هم الذي يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا. ما من شيء أعظم من العدل، كل إنسان يستطيع أن يألف ويتكيّف كل حال فقراً أو غنىً، علماً وجهلاً، صحة ومرضاً أو كل حالة سلبية يمكن أن يألفها الإنسان ويتكيف معها حتى لو كانت عَوَقاً أو حتى عمىً إلا الظلم فهو الوحيد الذي لا يستطيع أن يألفه الإنسان ولا أن يتكيف معه وهو يأكل في أحشاء المظلوم ليل نهار لذا دعوة المظلوم لا تُردّ ومن أجل هذا قال تعالى (لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148) النساء) إذا أصابك سوء أو مرض فلا تشكو ولا تجهر بالشكوى إلا من ظُلِم فإن للمظلوم الحق في أن يرفع صوته (إن لصاحب الحق مقالا). ساعة من يوم إمام عادل خير من عبادة ستين سنة قيام ليها وصيام نهارها. تأمل أن أقرب الناس إلى الله يوم القيامة إمام عادل. سبعة يظلهم الله تحت ظِلّه يوم لا ظل إلا ظله، يوم الفزع الأكبر الذي يجثو فيه الأنبياء على الرُكَب لكن العادلون لا يفزعون حيث يفزع الناس. من أجل هذا يقول r: "خير أئمتكم العادلون الذين تحبونهم ويحبونكم وتثلون عليهم ويصلّون عليكم" كم من حكام المسلمين على امتداد التاريخ وإلى يومنا هذا من تحبهم شعوبهم ويحبون شعوبهم؟ فإذا أحب بعضهم بعضاً صلح الراعي والرعيّة وإذا بلغ الأمر أن الحاكم يدعو لشعبه والشعب يدعو لحاكمه بإخلاص ومن قلب فهي الصفة المثالية. (وتصلّون عليهم ويصلّون عليكم) أي يدعو كل منهم للآخر بالنصر والصلاح والوئام والأمن والأمان.
هذا هو موقع العدل في الإسلام فإذا وجدت حاكماً عادلاً هذا الذي لا ترد دعوته كما قال r: "ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل والمظلوم والصائم حتى يُفطِر" " أهل الجنة – أي ملوكها – ثلاث: إمام عادل ورجل رقيق القلب لكل مسلم وعفيف متعفّف ذو عيال". هذا هو موقع العدل في الإسلام فطوبى لمن يحكم بالعدل بين شعبه وقليل ما هم في هذا الزمان لا نعرف إلا أفراداً منهم.
نسأله سبحانه وتعالى أن يجعل حكام المسلمين كذلك ونسأله أن يوفق بين الحاكم والمحكوم على العدل والنصح والأمن والأمان ونسأله أن يوفق هذه الأمة إلى أن تتخلص مما هي فيه من تخلّف وضيم وظلم على يد إمام عادل